الإمارات تدعو لتحالف عربي ركيزته السعودية ومصر

عدن لنج / متابعات

أكد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، الحاجة إلى تحالف عربي ركيزته السعودية ومصر، لمعالجة التحديات الأمنية، بحيث يكون مجلس التعاون الخليجي لاعباً رئيساً فيه، داعياً إلى مجابهة سلوك إيران الداعم للميليشيات والمزعزع لأمن الدول.

جاء ذلك في كلمة معاليه خلال حضوره فعاليات «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس» الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات بالتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وبمشاركة نخبة كبيرة من صناع القرار وخبراء تحليل السياسات والباحثين المختصين من مختلف بقاع العالم.

ولفت إلى أن قيم الشيخ زايد مجسّدة في تفاؤل وحيوية دولتنا، وتقديم نموذج متقدم للتنمية، وتحوّل الإمارات إلى مركز للتكنولوجيا، ففي الشهر الماضي أطلقنا أول قمر صناعي بصناعة إماراتية كاملة، وسنطلق مسباراً إلى المريخ في عام 2021. وتحدث قرقاش عن الأحداث التي تشهدها المنطقة، فقال إن المنطقة تمر باضطرابات وتحديات غير مسبوقة، التي تحدث في سياق تحولات يشهدها النظام العالمي، وتهديدات جديدة مثل الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل.

مبادئ أساسية

ونبّه معاليه إلى أن الإمارات تنطلق في مجابهة هذه التحديات من مبادئ أساسية، هي احترام السيادة والتعددية والتعاون، وهي المبادئ التي صاغت علاقتنا الدولية، وأساسها الاستقرار. ولا نقصد بالاستقرار هنا الحفاظ على الوضع القائم، بل الاستقرار الذي يدعم التغيير الإيجابي. وقال إننا في الإمارات نرى أن الاستقرار أمرٌ ضروري لأمن المنطقة، ونعتقد أن هناك مجموعة من العناصر أو المكونات التي تعزز هذا الاستقرار.

ولفت إلى أن أول هذه العناصر هو الحاجة إلى بناء مركز عربي حديث لمعالجة التحديات الأمنية القائمة، وهي عملية جارية، والإمارات تضطلع بدورها في هذه العملية، ولكن حتى تنجح هذه المقاربة يجب أن نواصل الاستمرار في تعزيز قدراتنا الدفاعية، واضطلاع السعودية ومصر بدورهما القيادي في دعم استقرار المنطقة، وتشكيل تحالف عربي لتحقيق هذه الغاية.

واعتبر معالي الدكتور قرقاش مجلس التعاون الخليجي لاعباً رئيساً في هذا التحالف، وقال إن العنصر الثاني لدعم الاستقرار هو احترام السيادة الوطنية وإنهاء التدخل في شؤون الآخرين، وفي هذا الشأن نجد أن إيران ظلت مهدداً لأمن دول المنطقة من خلال دعم ميليشيات مسلحة ووكلاء خارجين على الدولة، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فضلاً عن إطلاقها هجمات إلكترونية، وهجمات إرهابية في المنطقة وفي خارجها، مثل أوروبا.

وأكد أن دولة الإمارات تدعم سياسة الرئيس الأميركي ترامب تجاه إيران، والتصدي لسلوكها العدائي والمزعزع لأمن الإقليم، ونعتقد أن هذه المقاربة يجب أن تتعاطى مع سياسات إيران الإقليمية، وليس فقط برنامجها النووي.

الإرهاب والتطرف

وفيما يتعلق بالعنصر الثالث للاستقرار في المنطقة، قال إنه مواجهة مهددات الأمن النابعة من الإرهابيين والمتطرفين، وشهدنا في الفترة الأخيرة نجاحات مهمة في محاربة «داعش» في العراق وسوريا، والحوثيين في اليمن، إلا أن النجاح الكامل يقتضي أيضاً إحراز تقدم في مجابهة فكر التطرف.

أما العنصر الرابع فهو أن تتمتع دول المنطقة بالحوكمة، فشعوب المنطقة مثل الشعوب الأخرى في العالم التي تنشد الصحة والتعليم والوظائف والرخاء، وإذا لم يحصل الشباب في المنطقة على هذه الوعود فإنهم سيتوجهون إلى التطرف.

وأكد أن الإمارات داعم قوي للإصلاحات في المنطقة، وقدمت أيضاً مليارات الدولارات في سبيل تعزيز التنمية المستدامة في الإقليم برمته. وفي هذا الشأن نؤكد أن الدين جزء أساسي من هويتنا في المنطقة، لكن تسييس الدين في منطقتنا يُعلي من الهويات الطائفية ويؤثر في قيمنا الروحية، كما أنه يقوض فرص الحوكمة.

ولفت إلى أن الإمارات ترى أنه لن يكون هناك أي سلام واستقرار في المنطقة من دون حل النزاعات والصراعات فيها، لذا لعبت الإمارات دوراً في حل الخلاف بين إثيوبيا وإريتريا، كما تدعم الإمارات الجهود الأممية والأميركية لإنهاء الحرب في اليمن. وهنا يجب توخي الوضوح في هذه الأزمة، فالحوثيون رفضوا مقررات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، وانقلبوا على الحكومة الشرعية، وسيستمر الصراع ما دام الحوثيون يتحدّون قرارات الأمم المتحدة.

تقدّم باليمن

وأشار إلى ما حققته القوى اليمنية المدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية من تقدّم مطّرد، حيث حررت معظم الأراضي اليمنية، والكثير من مناطق الساحل الغربي، وتُحرز تقدماً في تحرير الحُديدة، معرباً عن اعتقاده بأنه حان الوقت للحوثيين لخفض التصعيد والبدء بمحادثات جديدة، قائلاً إن الكُرة في ملعبهم في هذا الوقت الحاسم، وعلى المجتمع الدولي الإسهام في التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال دفع الحوثيين إلى المشاركة في مباحثات السلام، وقطع السلاح والتمويل الذي يصل إليهم من إيران.

وأكد أن التحالف العربي سيبذل كل جهوده لتيسير العملية السياسية، وإطلاق المفاوضات، وسنستضيف المبعوث الأممي مارتن غريفيث في أبوظبي لهذا الغرض، كما أننا نقوم بجهد كبير لتجاوز الأزمة الإنسانية، إذ قدمت الإمارات ما يقرب من مليار دولار في شهر مارس الماضي إلى الأمم المتحدة، كما أعلنّا عن حزمة مساعدات بقيمة 70 مليون دولار لدفع رواتب المعلمين حتى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

سوريا وفلسطين

وفيما يتعلق بالأزمة في سوريا، قال معالي الدكتور قرقاش إن الإمارات تدعم اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الذي قد يساعد في حل الصراع، وترى أن الأولوية يجب أن تكون بدعم المجتمع الدولي الحل السلمي انطلاقاً من مبادئ جنيف لعام 2012، واضطلاع السوريين بمسؤولياتهم في قضايا إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، ومطلوب دور عربي أقوى في سوريا، كما يجب إخراج إيران ووكلائها من سوريا.

وفي فلسطين تدعم الإمارات التوصل إلى اتفاق شامل يقوم على حل الدولتين على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة. وأكد أن الوقت قد حان للدول العربية لقيادة مبادرات لحل مشكلاتها بأنفسها، وستظل الإمارات تعمل على تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية، كما ستظل وفية لقيم الشيخ زايد التي حددتنا كأمة.

وفي كلمته بالمنتدى، أكد الدكتور عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية الأسبق، أن العقوبات على إيران طارئ جديد على العلاقات الدولية الإيرانية، وأن الدور الإيراني في المنطقة أصبح مزعجاً لدول العالم ودول المنطقة، وخاصة بعد تصريحات إيران الخاصة بنفوذها في بعض العواصم العربية.

وأشار إلى أن التدخلات الإيرانية في دول المنطقة تزيد من تعقد الأمور بما في ذلك التأثير على مسار القضية الفلسطينية، حيث إن تجاهل القضية الفلسطينية يؤدي إلى نزع الصدقية عن سياسات كثيرة، مشيراً إلى أن حل القضية الفلسطينية سياسي فقط.

إرث زايد

أكد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن قيم المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان ترشدنا بما تحمله من إنسانية فاضلة وعقلانية وطموح. وعلى صفحته في موقع تويتر، غرّد معاليه: كلمتي اليوم في منتدى أبوظبي الاستراتيجي تناولت سياستنا الخارجية من زاوية إرث وقيم الشيخ زايد بن سلطان، ترشدنا قيم المؤسس النابعة من بيئته وتجربته بكل ما تحمله من إنسانية فاضلة وعقلانية عملية وطموح رفيع، كنز معنوي نفيس يضمن لنا السبق والتقدم.

صفقة القرن

تتناول جلسات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي اليوم الاثنين صفقة القرن وتفكيك شيفرتها بعيداً عن التهويل فيها والتقليل منها في محاولة لفهم إعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد، والتحديات التي تواجه العالم العربي داخلياً وإقليماً مثل الحرب في سوريا والوضع في اليمن وليبيا، كما ستتطرق جلسات الملتقى لبحث سوق الطاقة المضطرب في ظل التحولات الجيواقتصادية الدولية، كما ستبحث جلسات الملتقى التقييم الحقيقي للقوة التركية المتخيلة، وخرافة القوة الإيرانية ووهم القوة لدى قطر.