هل تتحول سوريا إلى ساحة حرب (إيرانية إسرائيلية)؟

عدن لنج_وكالات

أضحى استهداف الوجود الإيراني في سوريا أكثر علانية بعدما أقدمت إسرائيل على استهداف قوات إيرانية في جنوب سوريا، في أحدث قصف عسكري هز أرجاء دمشق فجر أمس، لليلة الثانية على التوالي.

ولم تكن الغارات الجوية الأخيرة لإسرائيل صادمة للمجتمع الدولي، إذ إن خطر اندلاع المواجهات بين تل أبيب وطهران في سماء سوريا ليس وليد اللحظة، حيث ظهرت تباشيره منذ فترة طويلة بعد أن أرسى الجيش الإيراني وجوده في سوريا منذ بداية الحرب دعمًا للرئيس بشار الأسد.

مباركة أمريكية

مع اقتراب موعد الانتخابات، بدأت الحكومة الإسرائيلية تتحدث عن هجماتها وغاراتها على قواعد إيرانية في سوريا علنًا، في محاولة منها للحد من الوجود الإيراني، كما اتخذت موقفا أكثر حزمًا بشأن عناصر حزب الله على الحدود مع لبنان.

جاء هذا التحول في التوجه الإسرائيلي عقب الإعلان المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لسحب القوات الأمريكية من سوريا، والذي صدم حلفاء واشنطن بشكل كبير، حيث جاء الانسحاب متوجًا لجهود تحالفات الروس وإيران مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وكي لا تظن إيران أنها تستطيع أن تستغل هذا القرار لصالحها داخل سوريا، جاءت الغارات الإسرائيلية لإثبات أنها معنية بشكل مباشر  بالجنوب السوري والحيلولة دون تمكين طهران من إقامة أي قواعد لها في المنطقة.

ويبدو أن الانسحاب الأمريكي من سوريا قد أطلق يد إسرائيل لفتح جبهات مواجهة مع إيران على الأراضي السورية.

ويرى متابعون للشأن العربي أن الغارات الأخيرة التي شنتها إسرائيل على معاقل إيران في سوريا تعكس رسالة مفادها أن تل أبيب تريد وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق باعتقاد إيران أنها تستطيع الاستفادة من قرار الانسحاب الأمريكي. 

وأطلقت واشنطن يد إسرائيل في الجنوب السوري بعدما وعدت بدعم أي موقف يمكن أن تتخذه الأخيرة، بما في ذلك شن حرب صغيرة تستهدف قواعد إيرانية ومنع وجود صواريخ بالقرب من هضبة الجولان.

تغاضٍ روسي 

لم يكن إعلان موسكو عن نشر شبكة صواريخ"إس-300" في سوريا ببعيد عن الغارات الإسرائيلية الأخيرة، حيث جاء بعد اجتماعات مشتركة عقدها ضباط روس وإسرائيليون تفاهموا بشأن سوريا عمومًا، حسب ما أوردت صحيفة "العرب".

وجاءت هذه التفاهمات لوضع قواعد جديدة للاشتباك على الأراضي السورية والحد من التمدد الإيراني بداخلها، وبينما يصر الجانب الإسرائيلي على تثبيت حالة التنسيق مع الجانب الروسي حول العمليات الأخيرة في سوريا بالتأكيد على أن الغارات لم تتم دون تنسيق مباشر مع موسكو، تحاول الأخيرة إظهار معارضتها للقصف الإسرائيلي والتقليل من شأنه في تحقيق أهدافه.

لكن تأخُر استعمال دمشق للصواريخ الروسية للرد على الغارت الإسرائيلية، يثير شكوكًا كبيرة ويطرح علامات استفهام حول حقيقة الموقف الروسي الذي بات أقرب للتغاضي.

وكانت إسرائيل قد أعلنت أمس -على لسان المتحدث الرسمي للجيش "جوناثان كونريكس"- استخدامها لخط اتصال مع عسكريين روس خلال الغارات الليلية في محاولة لإبقاء هامش يتيح لها تنفيذ عمليات قصف بالداخل السوري.

وأعلن المرصد السوري، أن عدد القتلى من عناصر الحرس الثوري الإيراني جراء الغارات الإسرائيلية قد وصل إلى 21 قتيلًا حتى الآن، مشيرًا إلى أن الغارات قد أوقعت خسائر مادية هي الأكبر من نوعها في مستودعات ومواقع عسكرية للإيرانيين وحلفائهم على الأراضي السورية.

"سنضرب كل من يحاول الإضرار بنا"، هكذا صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعقيبًا على الغارات.

وفي الوقت الذي تحاول فيه إيران أن تحشد عسكريًا في سوريا وتستمر في إطلاق تصريحاتها حول نيتها تدمير إسرائيل بالكامل، ترى فيها الأخيرة الخطر الأكبر، وأمام ارتفاع مخاطر تصاعد شرارة النزاع، وسط غض طرف روسي ومباركة أمريكية يبقى السؤال: هل من الممكن أن تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول سوريا إلى ساحة حرب شاملة بين إسرائيل وطهران؟