"ثروات أفريقيا" تشعل الصراع بين باريس وروما

عدن لنج_محمود سعيد

أخذ الصراع بين فرنسا وإيطاليا أبعادًا خطيرة وغير مسبوقة، وصلت إلى تبادل الاتهامات علنًا، وهو شيء نادرًا ما يحدث بين البلدان الأوروبية.

 
وينبغي هنا أن نقول: إن التنافس ليس من اجل رفاهية الشعوب الأفريقية بشكل عام والشعب الليبي بشكل خاص، وإنما من أجل نهب ثروات تلك الشعوب.


والعلاقات بين روما وباريس متوترة منذ وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في إيطاليا في يونيو/ حزيران الماضي.

ودعم دي مايو، ووزير الداخلية سالفيني، بقوة تحرك "السترات الصفر" ضد سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاجتماعية.

حرب كلامية

واصل ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء الإيطالي حربا كلامية بين روما وباريس، وقال: إن فرنسا لا ترغب في تهدئة الأوضاع في ليبيا التي يمزقها العنف بسبب مصالحها في قطاع الطاقة، يأتي هذا بعد تصريحات سابقة لمسؤول إيطالي بأن باريس تعمل على إفقار أفريقيا.

وقال سالفيني -للقناة التلفزيونية الخامسة الإيطالية- "في ليبيا.. فرنسا لا ترغب في استقرار الوضع، ربما بسبب تضارب مصالحها النفطية مع مصالح إيطاليا".

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية استدعت السفيرة الإيطالية، بعد أن اتهم لويجي دي مايو، وهو نائب آخر لرئيس الوزراء الإيطالي، باريس بإشاعة الفقر في أفريقيا والتسبب في تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة إلى أوروبا.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي: "بعد أحدث التصريحات الصادرة عن السلطات الإيطالية، جرى استدعاء السفيرة.. هذه ليست أول مرة تدلي فيها السلطات الإيطالية بتصريحات غير مقبولة وعدوانية".

وكان دي مايو أعرب قبل أيام عن الأمل بأن يفرض الاتحاد الأوروبي "عقوبات" على الدول، بدءا بفرنسا، التي تقف -حسب قوله- وراء مأساة المهاجرين في البحر المتوسط من خلال "تهجيرهم" من أفريقيا.

وأضاف دي مايو -وهو زعيم حركة 5 نجوم (مناهضة للمؤسسات) التي تحكم مع الرابطة (يمين متطرف) بزعامة ماتيو سالفيني- "إذا كان هناك اليوم أفراد يرحلون فلأن بعض الدول الأوروبية في طليعتها فرنسا لم تكف عن استعمار عشرات الدول الأفريقية".

وبحسب دي مايو -الذي يشغل أيضا منصب وزير التنمية الاقتصادية- فإن هناك عشرات الدول الأفريقية التي تطبع فيها فرنسا عملة محلية وتموّل بذلك الدين العام الفرنسي.

وأضاف، لو لم يكن لفرنسا مستعمرات أفريقية لأن هذه هي التسمية الصحيحة لكانت الدولة الاقتصادية الـ15 في العالم في حين أنها بين الأوائل بسبب ما تفعله في أفريقيا، وفق تعبيره.

وفي تصريح صحفي قال دي مايو، الإثنين، إن فرنسا واحدة من الدول التي تمنع التطور وتساهم في رحيل اللاجئين لأنها تطبع عملات 14 دولة أفريقية. وإذا أرادت أوروبا أن تتحلى ببعض الشجاعة، فعليها أن تتخذ قرار العمل على إنهاء الاستعمار في أفريقيا.

الصراع على ليبيا

وقد هاجم رئيس الوزراء الإيطالي سياسة الرئيس الفرنسي في ليبيا، قائلا: "ماكرون، سيكون مخطئاً فيما لو اعتقد أن ليبيا تخصه. فليبيا ليست له ولا لنا، بل هي دولة مستقلة لها علاقة مميزة تاريخياً مع إيطاليا أيضاً، ولن نتخلى عنها أبداً".

واستدرك قائلا: "العلاقة مع ماكرون ممتازة وتتسم بالصداقة، لكن الأخير يسعى للدفاع عن المصالح الفرنسية، بينما واجبي أن أحمي المصالح الإيطالية".

والجدير بالذكر أن إيطاليا احتلت ليبيا في 1911، واستمر احتلالها إلى غاية انهيارها في الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، فيما سيطرت القوات الفرنسية على إقليم فزان (الجنوب الغربي الليبي) من 1943 إلى غاية استقلال ليبيا في 1951.

وبحسب صحيفة "الجورنال" الإيطالية، فقد حذرت وزير الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا، السلطات الفرنسية من تدخلها في الشأن الليبي، مؤكدة أن بلادها هي الدولة القادرة على قيادة الدولة الليبية، وأن القيادة بيد "إيطاليا" فيما يتعلق بالحالة الليبية.

وقالت الصحيفة: إن الوزيرة الإيطالية قالت لنظيرتها الفرنسية، فلورنس بارلي، على هامش الاجتماع الوزاري بمقر الناتو في بروكسل: "لنكن واضحين.. القيادة في ليبيا لنا"، وكانت الصحيفة قالت -في تقرير سابق لها- إن ماكرون يسعى إلى الاستحواذ على ثروات الطاقة في المستعمرة الإيطالية السابقة مستغلا الفوضى الليبية والفراغ السياسي الانتقالي الحالي في روما.

وبحسب صحيفة "لاستامبا" الإيطالية فإن مباراة حامية تجرى بين روما وباريس، ودعت الصحيفة إلى إرساء تحالف عملي وفعلي بين الولايات المتحدة وإيطاليا لإدارة الوضع في ليبيا والتصدي لسعي فرنسا، توجيه العملية السياسية في البلاد وإزاحة إيطاليا وضرب مصالحها، وشددت على أن الدور الفرنسي في ليبيا يهدد الأمن القومي الإيطالي نفسه، وأنه رغم نفي ماكرون أية توجهات عدوانية، فإن سياسته تهدف إلى تهميش إيطاليا في مجمل المغرب العربي.