تقرير: كيف ستصبح #مصر بوابة غاز شرق المتوسط للعالم؟

عدن لنج_ترجمة - بسام عباس

كانت الأشهر القليلة الماضية حافلة بأخبار قطاع الغاز في شرق البحر المتوسط. بعد ما يقرب من عشر سنوات من التكهنات حول إمكانات موارد المنطقة، ويبدو أن التطورات الأخيرة وضعتها في النهاية على الاتجاه الصحيح.

ففي يناير، اجتمع وزراء طاقة كل من قبرص ومصر واليونان والأردن وإسرائيل، بالإضافة إلى ممثلين عن إيطاليا والسلطة الفلسطينية، في القاهرة لمناقشة التعاون الإقليمي في مجال الغاز البحري.

وكانت النتيجة هي إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)،  الذي يهدف إلى تطوير سوق إقليمية للغاز الطبيعي والاستفادة من البنية التحتية الحالية للغاز الطبيعي المسال في مصر.

وجاء ذلك في أعقاب اتفاق تم التوصل إليه في ديسمبر بين مصر وقبرص، اللتين التزمتا بخلق وتهيئة الظروف اللازمة لبناء خط أنابيب يربط حقل غاز أفروديت البحري في قبرص بمرافق الغاز الطبيعي المسال في مصر.

وكان هناك تطور آخر في 28 فبراير، عندما أعلنت شركة "إكسون موبيل" عن اكتشاف جديد للغاز في قبرص، أي أكثر من ضعف الموارد البحرية المقدرة للبلاد.

ولذا يجب على المنخرطين في الأمر الآن أن ينحوا جانبًا أي خلافات بينهم، واغتنام الفرصة المتاحة أمامهم. وقد بدأت ملحمة الغاز في المنطقة من 2009 إلى 2011، مع اكتشاف حقلي "تمار" و"ليفيثان" قبالة ساحل إسرائيل، وحقل "أفروديت" قبالة ساحل قبرص. ووضعت خيارات التصدير المتنوعة على الطاولة، من خطوط الأنابيب (إلى تركيا أو اليونان) إلى مصانع الغاز الطبيعي المسال (في قبرص وإسرائيل ومصر). وكانت التوقعات كبيرة وجرى الترويج للاكتشافات كوسيلة لتعزيز حقبة جديدة من الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة.

ومع ذلك، فقد ضعفت التوقعات الأولية منذ ذلك الحين. ففي إسرائيل، تسبب النقاش الطويل حول إدارة موارد الغاز في عدم اليقين والتأخير في اتخاذ قرارات الاستثمار. وفي قبرص– حيث تم الترحيب بالغاز كمنحة من الله لتخفيف المشاكل المالية في البلاد – تلاشت الآمال بسبب بعض المراجعات التي قلّلت من حجم الاكتشافات الجديدة. وأثارت هذه التطورات الشكوك حول فكرة أن المنطقة قد تصبح مصدرًا للغاز الطبيعي.

ومع ذلك، انتعشت الآمال في عام 2015 عندما اكتشفت شركة الطاقة الإيطالية "إيني" حقل غاز "ظهر" في مصر، وهو أكبر اكتشاف للغاز على الإطلاق في البحر المتوسط. وفي تطور سريع لم يسبق له مثيل، بدأ الإنتاج في حقل ظهر في ديسمبر 2017، مما ساعد مصر على استعادة الاكتفاء الذاتي من الغاز بعد سنوات من الاضطراب، تحولت فيها البلاد من مصدر صافٍ إلى مستورد صافٍ. كما يمثل حقل ظهر مرحلة جديدة من الاستكشاف في المياه المصرية؛ ما يؤدي إلى مزيد من الاكتشافات.

وتتجاوز أهمية حقل ظهر مصر. فقربه من الحقول الأخرى قبالة إسرائيل وقبرص يمكن أن يسمح بمزيد من التنمية المنسقة، وبالتالي توفير المتطلبات اللازمة لإنشاء بنية تحتية إقليمية لتصدير الغاز.

وتمتلك مصر بالفعل بنية تحتية لتصدير الغاز الطبيعي المسال في مصنعي إدكو ودمياط واللذين يعملان بطاقة 19 مليار متر مكعب في السنة، ولكنها الآن في وضع الخمول، وهذا يمكن أن يتيح التصدير الفوري للغاز من الحقول المصرية والإسرائيلية والقبرصية، ويمكن توسيع كلا المصنعين إذا لزم الأمر.

وبالنسبة لإسرائيل وقبرص، فإن التعاون مع مصر أمر بالغ الأهمية، حيث إن تهيئة البنية التحتية للتصدير وتطوير الحقول يمثل مشكلة دائرية. وإذا كانت هناك مخاطر سياسية أو تجارية تتمثل في عدم وجود بنية تحتية للتصدير عند بدء الإنتاج، فستضيع أموال كثيرة هباءً. وإذا كان أداء الحقل أقل من المتوقع، فستظل البنية التحتية ذات التكلفة الباهظة في وضع السبات. (فعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة المشروع المقترح "سايبرويت فاسيليكوس للغاز المسال" خمسة مليارات يورو؛ وبالمثل فإن مشروع خط أنابيب "إيست ميد" الذي يربط بين إسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا يقدر بأكثر من ستة مليارات يورو). ويمكن أن يكون الجمع بين البنية التحتية للتصدير غير المستغلة والقابلة للتطوير مع العديد من المجالات الواعدة هو المفتاح لإطلاق إمكانات إقليمية غير مستغلة.

ويتمثل المسار الأكثر منطقية في إنشاء سوق غاز شرق المتوسط استنادًا إلى البنية التحتية الحالية للغاز الطبيعي المسال في مصر، مع فوائد لجميع الجهات الفاعلة الإقليمية المعنية. وقد يمثل ذلك أيضًا فرصة لأوروبا، حيث من المحتمل أن تنمو متطلبات استيراد الغاز في السنوات المقبلة مع انخفاض الإنتاج المحلي، وحيث توجد بالفعل سعة كبيرة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال.

وسيوفر مثل هذا النهج لمورّدي شرق المتوسط مرونة فيما يتعلق بالأسواق المستهدفة في المستقبل؛ ما يسمح لهم بخدمة الأسواق الآسيوية، على سبيل المثال، عبر محطات الغاز الطبيعي المسال في مصر.

أخيرًا، قد يوفّر مخطط التصدير الإقليمي المشترك، من خلال منشآت الغاز الطبيعي المسال المصرية، الفرصة الأولى لاختبار التعاون التجاري في مجال الغاز بين مصر وإسرائيل وقبرص. وإذا نجح هذا التعاون، فيمكن أن يتوسع في النهاية في عام 2020، وسيؤدي إلى اكتشافات جديدة في المنطقة، كما أن الطلب الأوروبي على الغاز سيبرر إنشاء البنية التحتية لخطوط الأنابيب