في ذكرى ثورة 14 أكتوبر .. يعيش الجنوب أجواء ليست مغايرة بشكل كبير للاحتلال البريطاني

عدن لنج /متابعات
 
 
تحل ذكرى ثورة 14 أكتوبر التي أشعلها الجنوبيون في وجه الاحتلال البريطاني في ستينات القرن الماضي، في أجواء ليست مغايرة بشكل كبير، فالجنوب الآن يتعرض لاحتلال شبيه، يُسرق فيه الوطن وتُصادَر حقوق شعبه في استعادة دولته.
 
فقبل 58 عامًا، ثار الجنوبيون من أجل تحقيق عدة أهداف، تتمثّل في تصفية القواعد وجلاء القوات البريطانية من أرض الجنوب دون قيد أو شرط، وإسقاط الحكم السلاطيني الذي صنف بأنّه رجعي متحالف مع المستعمر البريطاني، وإعادة توحيد الكيانات العربية الجنوبية سيرًا نحو الوحدة العربية والإسلامية على أسس شعبية وسلمية، استكمال التحرر الوطني بالتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية.
 
نادى الجنوبيون أيضًا بإقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور، وبناء اقتصاد وطني قائم على العدالة الاجتماعية يحقق للشعب السيطرة على مصادر ثرواته، وتوفير فرص التعليم والعمل لكل المواطنين دون استثناء، وإعادة الحقوق الطبيعية للمرأة ومساواتها بالرجل في قيمتها ومسئولياتها الاجتماعية، وبناء جيش وطني شعبي قوي بمتطلباته الحديثة تمكنه من الحماية الكاملة لمكاسب الثورة وأهدافها، وانتهاج سياسية الحياد الإيجابي وعدم الانحياز بعيدًا عن السياسات والصراعات الدولية.
 
غضب الجنوبيين كُلِّل بجلاء آخر جندي بريطاني عن العاصمة عدن في 30 نوفمبر 1967، وآنذاك أُعلن الاستقلال الوطني وقيام "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"، بعد احتلال بريطاني دام 129 عامًا.
 
نجحت الدولة سريعًا في توحيد السلطنات والمشيخات في كيان دولة مركزية قسمت إلى ست محافظات، وبناء جيش وطني وامن قويين، ونشر شبكات التعليم والصحة المجانية والطرقات والمواصلات في كل أنحاء الوطن، والقضاء على الأمية كأول بلد عربي ورفع مستوى مشاركة المرأة والشباب والفئات الاجتماعية في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، وإحداث نهضة تنموية صناعية وزراعة ملحوظة واستقرار معيشي وأمني متنامي.
 
هذه المنجزات والنجاحات التي حقّقتها ثورة 14 أكتوبر العظيمة، يعيش الجنوب وهو في أمس الحاجة إليها في الوقت الحالي، فمنذ تسعينات القرن الماضي يعيش الوطن تحت وطأة احتلال مريع، ينهب الثروة ويسطو على الأرض، ويصادر المقدرات ويعمق الأزمات.
 
احتلال الجنوب الآن تمارسه الشرعية الإخوانية التي تستعين بتنظيمات إرهابية، يتكالبون جميعهم في مساعي السيطرة على الجنوب ومحاولة ضرب أمنه واستقراره، وتحديدًا العاصمة عدن، التي تقبع تحت أجندة تآمرية خبيثة.
 
التطورات الميدانية التي شهدها الجنوب مؤخرًا، لا سيّما الهجوم الإرهابي الذي استهدف موكب محافظ عدن أحمد لملس ووزير الزراعة سالم السقطري، وكذا أحداث كريتر المسلحة، فضلًا عن التوغلات الحوثية في شبوة وأبين، أظهرت جميعها حجم الاستهداف الذي يتعرض له الجنوب في الوقت الحالي.
 
ويرى كثير من الجنوبيين أنّ الوطن في أمس الحاجة إلى ثورة غضب، تقتلع جذور الاستهداف الذي يتعرض له الوطن، والذي يقوم على غرس العراقيل أمام تحركات الجنوبيين نحو استعادة دولتهم.
 
الحاجة الماسة إلى ثورة الغضب تعود بالأساس إلى أنّ القضية الجنوبية تعيش مرحلة مفصلية في الوقت الراهن، وبدى من جنون الشرعية في عدائها للجنوب أنه لا يعرف خطوطًا حمراء، وبالتالي تتمادى في ارتكاب أبشع صنوف الجرائم والاعتداءات ضد الجنوبيين، وهو ما يحتم مواجهة حازمة على كل الأصعدة تضمن استئصال شرور الشرعية وتحفظ سير الجنوبيين نحو استعادة دولتهم.