مكافحة الفساد.. أولويةٌ من أجل مستقبل جنوبي آمن

عدن لنج/خاص
في ظل زخم الحديث عن ضرورة الهدنة الأممية وأهمية تغليب الحل السياسي لتحسين الأوضاع الإنسانية، وكذا الاستعداد لمرحلة من المواجهات العسكرية المتصاعدة حال إصرار المليشيات الحوثية الإرهابية على إطالة أمد الحرب، فإنّ كل هذه الضرورات لا يجب أن تؤثر على أولوية مكافحة الفساد.
 
فعلى مدار السنوات الماضية، رسّخ الاحتلال اليمني حضورا سرطانيا في مفاصل المؤسسات في كل أرجاء الجنوب، وهو حضور جعل من جرائم الفساد منتشرة وبقوة صارخة، ما يتطلب حتمية إجراء عملية تطهير شاملة تزيح تلك العناصر الفاسدة من مفاصل الجنوب بشكل كامل.
 
أولوية مكافحة الفساد تعود إلى ارتباط هذا الملف بشكل مباشر بالأوضاع الإنسانية وحجم المآسي التي خلّفتها الحرب، فعملية التطهير هذه يجب أن تشمل الاعتماد على الكفاءات الوطنية التي يكون شغلها الشاغل هو خدمة الصالح العام.
 
إظهار العين الحمراء لعرّابي الفساد وقائدي عصابات السطو على المال العام وتجريف الثروات أمرٌ يجب أن يتزامن مع سير المجريات العسكرية والسياسية للمشهد الراهن لاختصار الزمن، إذ ليس من المقبول وفق العقل والمنطق وقبلهما من أجل الإنسانية انتظار سواء حلحة سياسية أو حسم عسكري ثم الانخراط في مكافحة الفساد.
 
فهذا التأخر من شأنه أن يضاعف العراقيل التي تستهدف إجهاض أي فرصة لتحسين الأوضاع المعيشية، لا سيّما في ظل تربُّص قوى الإرهاب بالجنوب ومساعيها لإغراقه في فوضى أمنية قاتمة.
 
فالتحديات الأمنية التي تحاصر الجنوب لا تهدف فقط إلى استنزافه عسكريا، لكن الأمر يشمل ما هو أكبر من ذلك، إذ تستهدف هذه الفصائل إيجاد فرصة للتغلغل في كل مؤسسات الجنوب وتجريفه من الثروات بشكل كامل.
 
ولعل الأزمة الإنسانية التي تعصف بالجنوب حاليا سببها هو امتزاج الاستهداف بين الضربات العدوانية التي تشنها قوى الإرهاب الظلامية بقيادة مليشيا حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي الذي لا يعادي إلا الجنوب.
 
وفي الوقت نفسه، فإنّ الاستهداف الثاني هو العمل على تجريف الجنوب من كل ثرواته دون استثناء بما يزيد من الأعباء، وهو ما يتطلب معالجة فورية.