فتح الطرقات .. قنبلة موقوتة تهدد بنسف الهدنة الأممية

عدن لنج/العرب
 
 
حققت المفاوضات بين الحكومة والحوثيين برعاية أممية في العاصمة الأردنية عمّان اختراقا في الساعات الأخيرة بعد التوصل إلى اتفاق حول فتح إحدى الطرق الرئيسية في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن).
 
وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ نجح في منع انهيار المحادثات بعد تقدم فريقه بمقترح لفتح الطرقات في مدينة تعز بشكل تدريجي والبدء بفتح خمس طرق من بينها طريق رئيسي، مشيرة إلى أن المبعوث قد يقوم بزيارة إلى صنعاء في الساعات القادمة لتعزيز الاتفاق.
 
وجاءت الانفراجة في مسار مفاوضات الأردن حول تنفيذ البند المتعلق بفتح الطرقات المشمول باتفاق الهدنة، في أعقاب تلويح الوفد الذي يمثل الحكومة بالانسحاب، وفي أعقاب تقارير تحدثت عن شروع الحوثيين بشق طرق فرعية حول تعز تحت ذريعة تخفيف الحصار، بينما تخفي أجندة عسكرية لتضييق الخناق على المدينة.
 
واستُئنِفَت الأحد في العاصمة عمَّان المفاوضات بين وفدي الحكومة والحوثيين برعاية مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن الذي كشف في بيان صحافي الاثنين عن تقديمه “مقترحا منقَّحا لإعادة فتح الطرق تدريجيا وشمل آلية للتنفيذ وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين“.
 
ووفقا للبيان فقد تضمن المقترح “إعادة فتح طرق، بما فيها خط رئيسي، مؤدية إلى تعز ومنها، إضافة إلى طرق في محافظات أخرى بهدف رفع المعاناة عن المدنيين وتسهيل وصول السلع”.
 
وقال غروندبرغ “هذه هي الخطوة الأولى في جهودنا الجماعية لرفع القيود عن حرية حركة اليمنيين من نساء ورجال وأطفال داخل البلاد. وتقع على الطرفين المسؤولية الأخلاقية والسياسية للتعامل بشكل جاد وعاجل مع مقترح الأمم المتحدة وإعطاء الأولوية لمصالح المدنيين والتوصل إلى نتائج مباشرة وملموسة لسكان تعز والشعب اليمني ككل”.
 
وأضاف “بينما أستمر ببذل جهودي وانخراطي مع الطرفين حول هذا الملف، آمل أن يحافظ المقترح هذا على الزخم المطلوب للمضي قدما في النقاشات حول ترتيبات أكثر استدامة ضمن عملية الأمم المتحدة متعددة المسارات“.
 
وكانت المفاوضات وصلت إلى نقطة حرجة بحسب مصادر مطلعة، نتيجة رفض الحوثيين كل المقترحات المتعلقة بفتح أي من الطرق الرئيسية التي يغلقونها حول تعز منذ بداية الحرب في العام 2015 واقتراحهم فتح طرقات فرعية بديلة.
 
وتحول الخلاف حول ملف فتح الطرقات في مدينة تعز، بحسب مراقبين، إلى قنبلة موقوتة تهدد بنسف الهدنة الأممية التي تم الإعلان عن تمديدها لشهرين إضافيين.
 
وقال مدير المرصد الإعلامي اليمني رماح الجبري في تصريح لـ”العرب” إن مجلس القيادة الرئاسي قدم سلسلة من التنازلات ضمن اتفاق الهدنة من بينها فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية واستخدام جوازات صادرة من صنعاء وكذلك السماح لثماني عشرة سفينة بالدخول عبر ميناء الحديدة، في المقابل لم تقدم الميليشيا الحوثية أي تنازل يثبت جديتها في إنهاء الحرب وهو ما يدفعها لتجميل صورتها أمام المجتمع الدولي من خلال الموافقة على فك جزئي لحصار مدينة تعز.
 
وأشار الجبري إلى محاولة المبعوث الأممي إيجاد أرضية يمكن البناء عليها لتحقيق السلام في اليمن من خلال تثبيت الهدنة وتمديدها لفترة أطول، لكن “لا مؤشر حقيقيا لإمكانية نجاحه في ذلك في ظل وجود الميليشيا الحوثية بالقرب من مدينة مأرب وسيطرتها على الحديدة ومينائها”.
 
واعتبر أن “أي اتفاق قادم دون تغيير قواعد المعركة على الأقل في مأرب والحديدة سيكون مصيره مثل اتفاق ستوكهولم الذي لم ينفذ منه شيء”.
 
ووصف الباحث السياسي اليمني ياسر اليافعي ما يحدث في الأردن من مفاوضات بأنه “يأتي ضمن محاولات الحوثيين تحقيق مكاسب إضافية، بعد أن تمكنوا من فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة في الجولات الماضية، بالإضافة إلى حرف الأنظار عن القضية الأساسية وهي إنهاء انقلابهم وتحرير صنعاء، إلى فتح طرقات ومعابر تعز”.
 
وأضاف “استمرار تقديم الحكومة تنازلات لصالح المواطنين في مناطق سيطرة الحوثي، يعتبرها الأخير إنجازات له وبالتالي سيفاوض على المزيد من المكاسب مستغلا الملف الإنساني كالعادة، حيث بات الحديث موجها إلى إيرادات المحافظات المحررة ودفع رواتب الموظفين في المناطق تحت سيطرته”.
 
ويؤكد الباحث السياسي اليمني فارس البيل في تصريح لـ”العرب” أن مجرد انتقال بند معابر تعز إلى طاولة التفاوض على عكس البنود الأخرى التي نفذتها الشرعية، يعني أن ميليشيا الحوثي نجحت في جر الشرعية والأمم المتحدة إلى دائرة مفرغة، وإلى مساحة مناورة جديدة تجيدها الميليشيا، بغرض تخفيف الضغط عليها، وكسب الوقت، والتملص من أي اشتراطات وزرع مفخخات جديدة تعيق التفاوض والتقدم نحو السلام، وبذلك تحقق ما تصبو إليه من التمرد على كل الاستحقاقات بينما تظهر أنها صاحبة حق وتفاوض.
 
وعن فرص تحقيق اختراق في مسار التفاوض حول التسوية السياسية عبر تدعيم الهدنة الأممية، أضاف البيل “لا يبدو أن نجاحا سيتحقق من كل هذه المفاوضات حول معابر تعز، ولنا سوابق شاهدة كملف الأسرى واتفاق السويد برمته، ولذلك فإن نتائج هذه المفاوضات لن تقود إلى رفع معاناة الناس في تعز أو تشكل طريقا سهلا نحو عملية سلام شاملة، وإذا ما استمرت هذه الهدنة أو تناسلت هدنات أخرى، فلن تكون أكثر من هدنة عرجاء، بلا طائل حقيقيا منها لأجل الناس أو لأجل مسار السلام”.
 
واعتبر البيل أن على الأمم المتحدة حين تنوي إنجاز اتفاق ما أو هدنة “أن تذهب أولا نحو الضمانات والأدوات الفاعلة التي تضمن التنفيذ الفعلي وألا تكتفي بمجرد إعلان الأطراف أو نواياها، فالميليشيا، بحسب تعبيره، لم تذهب نحو تطبيق فعلي لأي اتفاق كانت ملزمة به”.