العين الإخبارية: اللاجئين الإريتريين باليمن.. مأساة منسية فاقمها إرهاب الحوثي

عدن لنج/العين
 
فاقم الإرهاب الحوثي محنة اللاجئين الإريتريين في اليمن لتتحول مأساتهم إلى معاناة مركبة في خضم الحرب التي تضرب هذا البلد منذ أعوام.
وتوجد في مخيم الواسعة بمديرية الخوخة جنوبي محافظة الحديدة (غرب) قصة يصل عمرها لأكثر من 4 عقود بدأت كملاذ آمن من الحرب لتدخل في مأساة حرب أخرى فجرها الحوثيون أواخر 2014.
وألقت الحرب الحوثية بظلالها على حياة أكثر من 1500 إريتريا كانوا قد فروا لليمن في عام 1967، عندما اندلعت الحرب الأهلية في بلدهم، وتكفلت الحكومة اليمنية عام 1978 بتشييد هذا المخيم المعروف بـ"مخيم النازحين الإريتريين".
لاحقا وبعد مرور سنوات تبنت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة محنتهم لكن سرعان ما رفعت يدها عنهم وذلك 1993، وفق شهادات للقاطنين في هذا المخيم والذين اعتبروا معاناتهم "محنة منسية" وسط الحرب الحوثية.
وإزاء تخلي مفوضية شؤون اللاجئين عنهم، وفق أحدهم ويدعى "موسى آدم" الذي تحدث لـ"العين الإخبارية"، فإنهم يواجهون صعوبة في التنقل والعمل، إذ يفتقرون إلى الأوراق الثبوتية التي تحدد هوياتهم. كما أنهم عاجزون عن العودة إلى بلادهم بسبب عدم تسجيلهم رسميا كمواطنين إريتريين.
ويشير آدم إلى أن الجيل الحالي من النازحين جميعهم ولدوا في اليمن، لكنهم لا يملكون وثائق ثبوتية، أو هويات كلاجئين تمنحهم إياها الأمم المتحدة، بعدما رفعت مفوضية شؤون اللاجئين يدها عن المخيم عام 1993م.
ويرى أن قضية اللاجئين الإريتريين أصبحت منسية، فلا يمكنهم العودة إلى بلادهم، كما أن بقاءهم في ظل الحرب الحوثية المستعرة، يضاعف من صعوبات العيش والعمل والتنقل بين المحافظات اليمنية، طلبا للعلاج أو البحث عن فرصة عمل.
ويقول موسى آدم إن شبان المخيم أصبحوا عاطلين عن العمل بسبب عدم امتلاكهم تلك الهويات التي تشير إلى قضيتهم، وأن المخيم الذي يعيشون فيه أصبح رمزا لمأساة تمتد لنحو 45 عاما.
 
صعوبات مالية
وأرغمت الصعوبات المالية الأسر الإريترية في مديرية الخوخة، على تربية الماشية كمصدر وحيد لكسب المال، فضلا عن ممارسة الصيد في شواطئ المدينة الغنية بالأسماك والأحياء البحرية.
ويقول سيد عبدالله، أحد شباب المخيم لـ "العين الإخبارية" إن كافة الطرق للحصول على فرص عمل سدت أمامهم، ولم يتبق سوى ممارسة الصيد وتربية الماشية، وإن كانت بعض حظائر الماشية قد تعرضت ليلا لهجمات من لصوص انتزعوا بعضا منها.
لكن ممارسة الصيد الذي يعتمد على مهارة الصياد في السباحة، وتحمل ظروف العمل الشاق وسط الأمواج العاتية، لا يقدر عليها الجميع، لأن الفقر الذي يعيشونه لا يتيح لهم شراء القوارب وشباك الصيد.
وداخل المخيم المبني من الصفيح، تضع بعض الأسر الأغطية على أسرة خشبية تحت الأشجار هربا من حرارة الظهيرة، حيث ترتفع درجة الحرارة إلى 37 درجة خلال فصل الصيف.
ويقول عبدي أحمد وهو أحد كبار السن في المخيم، إنه قد يقضي بقية عمره هنا، كما سيدفن في المقبرة التي تضم من سبقوه من عائلته، دون أمل في العودة إلى بلاده، إذ أن الظروف التي أحاطت بمصيرهم جعلت الجميع ينسون المحنة التي يعيشون فيها.
ورغم مشاعر الاشتياق التي تنتابه في كل لحظة بالعودة إلى بلادة، إلا أنه لا يعرف الطريقة التي يعود من خلالها، إذ تلوح أمام ناظريه احتمالات التعرض للاعتقال والطرد وربما الحبس، نظرا لعدم امتلاكه أي أوراق ثبوتية أو هوية تؤكد أنه إريتري.
ويرى عبدي في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن خياراته محدودة جدا، لكن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين يمكنها أن تقوم بأدوار كبيرة تسهم في إعادتهم إلى منازلهم.
 
معاناة في التعليم
يشير مبنى أسمنتي ظلل سطحه بغطاء خشبي إلى أنه كان مدرسة من فصل واحد لطلاب الجالية الإريترية في اليمن، لكن نقص التموين، والعجز عن دفع أجور المعلمين تسبب في إغلاقها.
ومن أجل تلقي التعليم، لجأ أطفال المخيم إلى المدارس اليمنية الحكومية التي استقبلتهم دون اعتراض. ويقول مدير إحدى المدارس في مدينة الخوخة لـ "العين الإخبارية" إن أبناء الجالية الإريترية يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية بكل ترحاب.
ويواصل الطلاب تعليمهم حتى المرحلة الثانوية، لكنهم يعجزون عن مواصلة التعليم الجامعي، نظرا لعدم وجود جامعة في المدينة، كما أن انتقالهم إلى مدن أخرى يعد مستحيلا لعدم امتلاكهم الوثائق المطلوبة، على حد قوله.
ويوثق مخيم الإريتريين في الخوخة المحررة من المليشيات الانقلابية تاريخ العلاقات اليمنية الأفريقية على ضفتي البحر الأحمر، حيث ما زال التعايش قائما رغم ضراوة الحرب الحوثية التي هدمت كل جميل.