هدنة اليمن.. تمديد يبتلع أوهام الحوثي

عدن لنج / خاص
المليشيات الانقلابية التي أدمنت الكذب والتبريرات لترويج مخططاتها، تجد نفسها مجددا عارية أمام سيل من رشقات السخرية والنقد والهجوم الإعلامي الذي طال عناصرها ونشطاءها وخلاياها العميقة، وذلك بعد أن رفعت سقف شروطها للقبول بتجديد الهدنة قبل أن يُعلن تمديدها بذات الشروط السابقة.
 
ورفعت المليشيات شعار "رفض تمديد الهدنة" بزعم أنها مثلت "تجربة مخيبة للآمال"، وتمسكت بشروط تعجيزية منها صرف الحكومة الشرعية مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها والعسكريين من المقاتلين في صفوفها.
 
ولم تقتصر شروطها عند يافطة "المرتبات" التي تقوم قياداتها بنهبها وتحويلها إلى غنائم لتمويل محارق الموت، وإنما وضعت مطالب تعسفية تتعلق بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة دون رقابة، وذلك رغم أنها سبق أن وافقت على أول صيغة للاتفاق الأممي للهدنة.
 
مأزق 
بدأ ترويج الوهم من أعلى هرم قيادات الصف الأول للحوثيين، حيث تحدث القيادي البارز مهدي المشاط، خلال لقائه الوفد العماني، ِعما أسماه "الفتح الكلي والفوري لمطار صنعاء، وميناء الحديدة، وصرف مرتبات كافة الموظفين من إيرادات النفط والغاز".
 
وبحسب سياسيين ومراقبين، فإن ما تحدث به المشاط وقيادات المليشيات استهدف انتزاع اعتراف بالانقلاب وبالمليشيات الحوثية كحاكم وممثل لشمال اليمن، وهو ما اعتبره "أتباع المتمردين فتحا مبينا وانتصارا نهائيا في الحرب"، ليأتي إعلان تمديد الهدنة ببنودها السابقة ويشكل صدمة قوية لمن يتبنون نصرا وهميا.
 
وسرعان ما حاولت قيادات المليشيات تبرير انهزامها بعد تصعيد خطابها إعلاميا واستعراضات للقوة العسكرية المليشياوية على الأرض، من خلال موقف أعلنه ناطق الجماعة محمد عبد السلام فليته، ملمحا إلى ضغط عماني وقف خلف الموافقة على تمديد الهدنة في مغالطة كشفت المأزق الحوثي أمام أتباعه.
 
ورد ناشط حوثي يدعى جمال وجيه الدين، على ناطق المليشيات قائلا إن "‏‎الشعب اليمني اليوم يعرف من وافق ومدد الهدنة، وبالتالي عليكم صرف المرتبات وخفض الأسعار وإيقاف الإيرادات والجبايات والضرائب والرسوم في المدارس والجامعات وعليكم تحمل المسؤولية كاملة".
 
مكاسب وهمية
يرى خبراء يمنيون أن تجديد الهدنة أدخل مليشيات الحوثي في مأزق مع أتباعها، لتلجأ للترويج إعلاميا عن مكاسب وهمية، مؤكدين أن تمديد الهدنة يمنح المجلس الرئاسي فرصة لاستكمال ترتيب أوراقه لتحرير شمال البلاد.
 
الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية في اليمن، سعيد بكران، يرى أن الموافقة على تمديد الهدنة شهرين إضافيين تم بنفس شروط الهدنة السابقة، أي بدون إضافة رحلات ووجهات جديدة من صنعاء وبدون الاتفاق على بند المرتبات وهذا عكس ما يروج له الحوثيون.
 
وعن المقترح الأممي الجديد والموسع، قال بكران، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه "سيتيح هدنة أطول مدتها 6 شهور ويتضمن رحلات وترتيبات مقترحة للمرتبات لكن هذا المقترح الموسع لازال مطروح للتفاوض".
 
وأشار الباحث السياسي إلى أن إعلام مليشيات الحوثي يروج لانتزاعها مكاسب جديدة وهذا غير صحيح، إذ أن التمديد الجديد أعلن عنه بدون أي إضافات جديدة وبنفس بنود الهدنة السابقة التي انتهت مساء الثلاثاء.
 
ويرى أن "الطرف المستفيد الوحيد من الهدن الحالية - إذا أحسن استغلالها وفهم الموقف بشكل صحيح ـ هو طرف الشمال الشرعي الشريك في المجلس الرئاسي والذي يتمثل بمأرب والمخا وتعز، أو بمعنى آخر الجيش الوطني وقوات المقاومة الوطنية".
 
ولفت إلى أن "هذا الطرف هو الذي كان يخسر الأرض وهو الطرف المنقسم على نفسه أولاً، والذي تورط في صراع مع الجنوب، بينما تتيح الهدنة لهذا الطرف فرصة ثمينة لترتيب أوراقه العسكرية شمالاً وترتيب علاقته بتحالفاته بعد سنين من التخبط".
 
وأوضح أن "الهدنة توفر للجيش الوطني والمقاومة الوطنية ترتيب علاقتها بالجنوب والتوافق مع شركائها الجنوبيين في المجلس الرئاسي في الملفات العسكرية والأمنية والإدارية لضمان إسناد جنوبي"، لاستعادة شمال البلاد من قبضة الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا.
 
وفي وقت سابق، أعلنت الأمم المتحدة تمديد الهدنة في اليمن شهرين إضافيين، بعد نصف ساعة من انتهاء فترة الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في 2 إبريل/ نيسان الماضي، وجددت للمرة الثانية في 2 يونيو/حزيران الماضي.
 
ونصت الهدنة على رحلات تجارية عبر مطار صنعاء وتدفق الوقود عبر ميناء الحديدة ورفع حصار تعز، لكن هذا البند الأخير يصطدم بتعنت مليشيات الحوثي.