كاتب اسكندنافي: مأرب في " اليمن المجهول" غابة من السلاح والدم

عدن لنج/ الكاتب:سوليفيان جونيور
 
 
في مأرب اليمنية أساطير تاريخية كثيرة ومتناقضات تمتد بأريحية من الماضي السحيق الى متناول الحاضر الذي ادون شهادتي عليه الان ، عند معبد إسمه "معبد الشمس" كان القداما المأربيون يعبدون فيه القمر ، وهذا تناقض ارجوا ألا اتحمل تبعاته عند القارئ الإسكندنافي.
 
اساطير حضارة المكان جنتان " وعرش عظيم " لكن مأرب تبدو اليوم خلف الشمس كبحر من الرمل وإغارات الحرب المتداخلة ، صار عرشها ومعبدها وحتى خطوط النقل للنفط الخام منطقة حافلة بكمائن التربص والثأر والانتقام المميتة وفي احسن الاحوال نقاط جرد حساب وتصفية صراع نفوذ ومصالح.
 
حين قدمنا من عدن التي تخضع لسيطرة "قوات جنوبية" ، كان مرافقنا عدنان الشرعبي يحرص على تنبيهنا بأن راية القوات الامنية والعسكرية المحتكرة لحمل السلاح لا سيما داخل المدينة وضواحيها "تشطيرية"، تلك الشعارات رافقتنا على طول الخط الممتد الى حدود مأرب، وكان الامان كافياً لقضاء ليلة في المدخل الاخضر المؤدي الى مدينة ابين ، وحده صديقنا عدنان كان منزعجا.
 
في الطريق الى حاضرة محافظة مأرب اليمنية ومن اي إتجاه تلاحظ وبصورة متكررة مجاميع قبلية مسلحة تترصد لأي مركبة لتغتنمها لا سيما الحكومية او على الاقل إختطاف رهينة للمساومة به مع السلطة او مع - قبيلة السلطة او مع سلطة القبيلة - هذه مسميات المركبة قد تبدو غريبة وغير مفهومة لمن لا يعرف اغنى مقاطعات "اليمن المجهول"
 
مأرب هي آخر المعاقل الاستراتيجية في الشمال اليمني بالنسبة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ، وهي في الوقت نفسه تفاحة "ارض الجنتين" ربما يؤجل الحوثي قضمها حتى تأذن طهران وتبارك له لندن وواشنطن ، على الارجح سيبقى يدحرجتها كما يفعل لاعبوا كرة الجولف مع صغارهم المدللين، يضربون بالعصا الارض لتتحرك الكرة على نحو لا تتجاوز قدراتهم في العدو.
 
في مأرب تدور حرب بين مسلحي الحوثي الموالين لإيران ومسلحي القبائل الدعومين من المملكة العربية السعودية والى جانبهم مقاتلين من الجيش ، وفي الواجهة الاخرى تدور صراعات مسلحة بين مسلحي القبائل والجزء الاخر من الجيش المدعوم من المملكة ، وفي دوامة بحثنا عن امان نقلنا مقر إقامتنا الى وسط المدينة المزدحمة شوارعها بالاليات المسلحة ومرتادي مطاعم "السلتة "واللحم واسواق القات . فور وصولنا اخبرنا مالك الفندق وهو ابن عم صديقنا عدنان ان شبكة الكهرباء منقطعة منذ يومين ، وخضنا معه في التفاصيل، عن حرب ثالثة تشهدها مأرب في مربعها النفطي " ادت المواجهات بين قوات الجيش وقبيلة الدماشقة القريبة من المنشآت النفط وخطوط إمداد الطاقة وتسببت بقطع الخط الدولي الرابط بين منفذ الوديعة مع السعودية ومدينة مأرب"
 
حالة التحالفات التي تتهدد إبقاء مدينة مأرب خارج سيطرة مقاتلي الحوثي الذين صنفتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا كتنظيم إرهابي، تتحكم بها جماعة الاخوان المسلمين المسيطرة على السلطة، عملت الجماعة حسب قول " حسين سالم" على تجزئة الكتلة المقاومة للحوثي، " وزعت عشرة الف آلية عسكرية مقدمة من التحالف العربي على مدى الاعوام الماضية للقبائل الموالية لها -وليس بالضرورة مناهضة للحوثي- ودفعت بأرتال أخرى لتصفية حساباتها في الجنوب "
 
يشكل صراع المصالح وحرص السلطة الموالية لجماعة الاخوان على الإستئثار بالثروات النفطية والدعم المقدم من التحالف العربي والمنظمات الدولية لأغراض إنسانية واحد من اسباب تعدد خارطة النزاع المسلح في مأرب شرق اليمن ، وهو مايدفع الجماعة الى فرض القناعات بالقوة والتسليم بها كسلطة دين لا دولة .
 
#سوليفيان چونيور