الصين تقود مبادرة لإنهاء النزاع الروسي و الأوكراني

عدن لنج/ محمد مرشد عقابي
أطلقت الصين مبادرة للحل السياسي في الأزمة أوكرانيا تتضمن 12 بنداً، واختارت توقيت مبادرتها عقب دراسة متأنية لمجريات الأحداث، وبحسب محللين فإن هذه المبادرة تأتي استباقاً للمتغيرات التي يتوقع حدوثها في الميدان العسكري خلال الأشهر المقبلة، والتي تقول كل المؤشرات إنها لن تحمل فرصاً أوكرانية لتحقيق أي تقدم، في ظل شح العتاد الغربي الفعلي الذي يصل إلى جبهات القتال، وانعدام الذخائر وتآكل البنى البشرية الأوكرانية المقاتلة.
 
ويرجح محللون، أن مدة السنة التي يتحدث عنها قادة حلف الناتو لوصول كل ما تم إعلان إرساله إلى اوكرانيا من أسلحة، واستكمال تدريب الكوادر البشرية اللازمة لاستخدامها، سوف تكون مليئة بالتطورات الميدانية لصالح روسيا، ويكمن جوهر المبادرة الصينية في بساطتها وعدم تطرقها لمستقبل الأراضي التي أعلنت روسيا ضمها وتتمسك أوكرانيا باستعادتها وهو مستقبل تقرره موازين القوى وليس الطلبات والرغبات.
 
ولاتحتمل أوروبا التي تشكل الامتداد الجغرافي الحليف لأوكرانيا، المزيد من الاستنزاف، وتجد بالتفاوض مخرجاً مناسباً، وهو ما دأب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز على الدعوة إليه، وهم لايملكون قرار التفاوض الذي يعد من اختصاص القيادة الأميركية وفقاً لمراقبين.
 
ونبهت إشارات عديدة في واشنطن إلى خطورة التمسك بشعارات من نوع إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، أو التماهي مع مطالب رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي في الجغرافيا، فما نشرته مؤسسة راند، التي تنطق بلسان البنتاغون، في تقرير نهاية العام، يتحدث بوضوح عن أمرين، الأول أن نصراً روسياً معيناً لا بد أن تنتهي به الحرب ويجب على واشنطن تحديد حجم هذا النصر، لأن التفكير بهزيمة روسيا يعني استمرار الحرب إلى ما لا نهاية وصولاً لتحولها حرباً نووية، وبالتوازي لا يمكن التمسك باستعادة كامل الأراضي التي ضمتها روسيا، خصوصاً شبه جزيرة القرم وإقليمي لوغانسك ودونيتسك، بينما يجب التفكير بأرضية وإطار الضمانات التي تطلبها روسيا حول حياد أوكرانيا وربما غيرها من دول الجوار الروسي، والضمانات الموازية لأوكرانيا بعدم تعرضها لخطر غزو روسي، وهذا يعني أن واشنطن رغم كل الصوت المرتفع ليست في موقع مختلف عن البحث عن إطار تفاوضي وهذا ما يفسر انفتاح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على المبادرة الصينية.
 
وأظهرت الدراسة التي أجرتها مؤسسة راند، استحالة خوض حرب اللانهاية بوجه روسيا، وهو ما عززته تقارير مؤتمر ميونيخ التي أرفقت بدراسات واستطلاعات رأي تحت عنوان، هل أصبحت حرب أوكرانيا حرباً وطنية بالنسبة لشعوب الدول المنخرطة فيها، وجاءت النتيجة أن الحرب هي حرب وطنية بالنسبة للروس والأوكرانيين ولكنها ليست كذلك ويصعب أن تكون بالنسبة للأميركيين والأوروبيين، وتصاعدت وتيرة الاعتراضات على الانخراط فيها في توقع بإزدياد كلفتها وإطالة أمدها، وخصوصاً إذا ترتبت عليها أكلاف بالأرواح.
 
وتتحرك تحت عنوان الوساطة، العديد من الدول وتبقى المبادرة الصينية وفقاً لترجيحات في المقدمة، لكون الصين تحظى بقبول أطراف النزاع وتنتهج سياسة حيادية لا تخضع للضغوط الأميركية وهي الجهة الأكثر قدرة على قيادة المفاوضات. وهذا يعني أن الدول التي لم تشارك في العقوبات على روسيا سيتم النظر إليها كوسيط مقبول ضمن تحالف دولي تقوده الصين، ويمثل الطرف الأخر محورين متقابلين واحد تقوده واشنطن ويضم بريطانيا وفرنسا نووياً، وآخر تقوده روسيا ويضم حلفاءها الأقربين، وثالث تقوده الصين في إطار توزيع دقيق للقوى لم يتم عبثاً لاسيما ومائدة التفاوض هذه سوف تكون مائدة رسم لأفق جديد من التوازنات والمعادلات بين أقطاب القوة في العالم.