جرائم مليشيات الحوثي لا تستثني أحدا في اليمن، شباب وشابات، أطفال وشيوخ، الشجر والحجر، فآلة المليشيات تسرح وتمرح لتعيث في الأرض الفساد والإرهاب.
حلقة جديدة من مسلسل انتهاكات الحوثي تطال نساء شمال اليمن، تميط اللثام عن سجل حوثي قاتم يستهدف ابتزازهن بشرفهن واستخدام الفتيات كمصائد للخصوم السياسين بهدف الإيقاع بهم وتطوعهم بالقوة لمشروعهم الطائفي.
هذا السجل الأسود من الجرائم ضد النساء كشفت عنه يسرا الناشري في مقابلة مع "العين الإخبارية" وهي زميلة انتصار الحمادي عارضة الأزياء اليمنية التي هزت قضيتها الرأي العام بعد اختطافها وزميلتها من قبل مليشيات الحوثي بصنعاء.
حدث ذلك في فبراير /شباط 2021 ولا تزال الفتاة مغيبة خلف القضبان فيما لجأت المليشيات بعد أكثر من عام وتحديدا في أبريل/نيسان 2022 لإطلاق إحدى زميلاتها وهي يسرا الناشري والتي نجحت في الإفلات من قبضة الحوثيين والانتقال إلى عدن ثم السفر إلى خارج اليمن للعلاج.
وتعد يسرا الناشري نموذجا للفتيات اليمنية التي حطمن الوصمة الاجتماعية بعد المعتقل وتحدين جبروت الحوثي رغم ما تعرضن له من تعذيب وحشي لازالت آثاره باقية حتى اليوم.
مساومة النساء
بعد عام من العلاج، تحدثت الناجية اليمنية من سجون الحوثي عن أساليب التحقيقات في سجون المليشيات والتي تلجأ لمساومة النساء على شرفهن من أجل العمل في خدمة مليشيات الحوثي بهدف الإيقاع بخصومها السياسيين.
في فبراير/شباط 2021، اعتقلت مليشيات الحوثي يسرا الناشري وذلك في يوم عيد ميلادها وقامت بنقلها إلى سجن سري يسمى "المبني المخفي" كما تقول يسرا لـ"العين الإخبارية"، ومن ثم بدأ فصل الابتزاز للفتيات بالعمل لصالح المليشيات أو البقاء في زنازين الموت.
وتضيف: "عندما تم زجنا في المعتقل السري وقبل أن يعرف أحد باعتقالنا طلب قادة مليشيات الحوثي منا أن نعمل لصالحهم من أجل الإيقاع بالخصوم السياسيين".
وتابعت: "نوقع بناس أعدائهم عبر أساليب لا أخلاقية بزعم خدمة الوطن بالمقابل تعهد قادة المليشيات بتوفير الحماية والمبالغ المالية وهذا لم يحدث معي ومع انتصار وإنما مع مئات اليمنيات ممن تم اختطافهن ومساومتهن على شرفهن".
رفضت يسرا وانتصار عرض مليشيات الحوثي ما دفع قادة المليشيات لتليفق لهن تهم عدة منها تورطهن في خلية "دعارة" والعمل في الممنوعات وهي تهم صادمة في المجتمع اليمني المحافظ الذي يرفض المساس بالمرأة.
تقول الفتاة اليمنية إنه بعد "4 شهور من المساومة والتعذيب الوحشي في السجن السري وصلت القضية للإعلام وهو ما دفع المليشيات لنقلنا إلى سجن رسمي يخضع للزينبيات (مليشيات نسائية للحوثي) وهناك بدأت حياة جديدة أيضا من التعذيب القاسي في السجن الانفرادي".
وحوش بشرية.. إهانة الأهالي
وصفت الفتاة اليمنية الناجية من سجون الحوثي قادة المليشيات والزينبيات أنهم "وحوش بشرية لا يعرفون الرحمة".
وتقول: "قضيت من عمري سنة ونصف في المعتقل، تعرضت خلالها مع زميلاتي لتعذيب وحشي ونفسي وقذف وانتهاكات بالجملة ومعاملة أشبه بمعاملة الحيونات ناهيك عن الضرب الذي حصل والتعذيب بالسجن الانفرادي".
وتضيف: "تعرضنا لاعتداءات وحشية وضرب بالعصي لازالت آثارها باقية، يضربوا بطريقة وحشية كأنهم ليس بشر وكأنه لا يوجد بقلبهم رحمة نهائيا".
وتنبه الناجية اليمنية إلى نقطة مهمة في مسلسل ابتزاز الحوثي لأهالي الفتيات الضحايا ويتمثل بإهانة الإهالي ببناتهم قائلة: "يتعمد الحوثيون إهانة الأهالي عندما يأتون لزيارة بناتهم ويعمدون إلى تحريضهم بزعم ضرورة تربية البنت وقطع التواصل معاها تحت مزاعم لا تزورها وخلوها تتربى".
وتابعت: "سمح لأمي عدة مرات لزيارتي وكان اللقاء عبر نافذة صغيرة وقد شاهدت على وجهي كدمات وأثر جروح وعندما سألتني عن السبب صمت أنا لأني كنت ممنوع من الحديث عنها".
وأردفت: "حاولت أمي ترفع تظلمات لكن مدير السجن نزل يهددنا بسبب الشكوى ثم وجه الزينبيات بالحرف الواحد "كسري رقابهن وأنا بجبر"، إي عذبهن حتى يتم تكسير عظامهم.
وتضيف: "إذا في جهات ترفع شكاوى أو من الأهالي وتتضمن اتهامات للمليشيات بتعذيب الفتيات يقر قادة المليشيات ضمنيا بذلك بزعم أن "الفتيات بلا أدب وضروري تربيتهن" هكذا بكل بساطة كان يتم معاملة الأهالي".
وتشير الفتاة اليمنية إلى أنها لم تصلها أي مساعدات خلال بقائها في المعتقل لكن "أهالي وأهل انتصار كانوا على قدهم وما قصروا معنا وباعوا الغالي والنفيس من أجل يطعمونا داخل معتقلات مليشيات الحوثي".
وأوضحت: "كنا لا نستطيع الأكل، لأنه السجن بلا طعام ولا دواء وكنا عندما نمرض نواجه الموت ألف مرة وهناك فتيات تبرأ الأهل منهن بالفعل بسبب تصديقهم لأكاذيب الحوثي من تهم تلفق لهن وهن يواجهن الموت حاليا".
محاكمات شكلية
تؤكد الناجية اليمنية أن مليشيات الحوثي تخضع النساء والمعتقلين والمعتقلات لمحاكم شكلية من أجل تبرير الجرائم أمام المجتمع الدولي وإغلاق الباب أمام إطلاق سراحهن.
وتقول: "استخدم الحوثيون تكتيك المحاكمات الشكلية من أجل تبرير جرائمهم وإسكات الأصوات الإعلامية الرافضة لاعتقال الفتيات والنساء".
وعن مسار هذه المحاكمات، تؤكد الناشري أنها كانت مسرحيات بامتياز إذ أنه "لم يأخذ الحوثيون الدفوع المقدمة منا بعين الاعتبار نهائيا والمحاكمة شكلية والحكم جاهز وانتهى الموضوع وكل شيء كان غير قانوني".
كما أن "الاعتقال يعتبر غير قانوني وهي جريمة اختطاف كونه لا يوجد مسوغ قانوني يبيح للحوثيين ارتكاب تلك الجرائم خاصة ضد النساء".
وعن حياتها بعد إطلاق سراحها تشير الفتاة اليمنية إلى أنها لازالت تعاني من "الوصمة الاجتماعية والتي لازالت تطردنا ونظرة المجتمع لنا لازالت قاصرة وتمييزية".
وتقول: "طبعا كنت أعاني داخل السجن وأهلي يعانون خارج السجن، البيت الذي كنا فيه انطردوا منها وشقيقاتي الموظفات تم طردهن من وظائفهن كل هذا بسبب تشويه السمعة التي تعرضت لها من قبل الحوثيين".
وفي ختام حديثها لـ"العين الإخبارية"، تؤكد يسرا الناشري أنها لم تشعر بالآمن والآمان إلا في العاصمة اليمنية عدن بعد وصولها هاربة من صنعاء وأنها الآن تخضع للعلاج خارج اليمن لسوء صحتها النفسية بسبب المعتقل الحوثي".