قبلة عدن الثقافية تعود إلى الأضواء مجددا

عدن لنج/ عمر محمد حسن*:

 عادت إلى منزلها الكائن بمدينة كريتر مروراً بشارع المتحف الحربي وهي تحملق بالنظر صوب المكتبة والتي طالما ارتادتها منذ طفولتها ؛ هذه المرة تختلف عن سابقاتها تماماً بفعل التأهيل وإعادة الترميم والتي بدأت بشهر مايو الماضي.

 

 تصف الناشطة والإعلامية العدنية عهد ياسين إعادة صيانة المكتبة الوطنية بالعمل الجبار شاكرة كل من عمل في هذا المضمار والذي من شأنه العمل على إعادة المكتبة إلى الأضواء من جديد بعد عام من العدوان وما تلاه.

 

ترقب إعادة افتتاح المكتبة

 

تضيف عهد ياسين لـ"مندب برس : ؛ استبشرت خيراً بأن المكتبة الوطنية ستعاود نشاطها السامي وتفعيل دورها الثقافي والتنويري بعد أن تسلل اليأس إلى قلبي باستحالة عودتها بفعل ركام الحرب وما تعرضت له المكتبة من دمار وقصف من فبل الحوثيين إبان اجتياحهم لمدينة كريتر في الثاني من إبريل العام الماضي".

 

وتردف بقولها : ؛ إن وجود المكتبة الوطنية أضحى من الضروريات كالماء والهواء كونها ارتبطت بمدينة عدن حاضرة الثقافة العربية وسبق لنا  أن دونتنا سجلات المكتبة منذ نعومة أظافرنا قراءً مواظبين في المكتبة.

 

هذا ومن المفترض أن يسلم العمال المكتبة الوطنية خلال هذا الأسبوع بعد قرابة أربعة أسابيع من إعادة الصيانة إلى أن العمل سيستمر خلال الأسبوع القادم وذلك لتركيب المكيفات والتجهيزات اللازمة بالكتب حسب العمال لـ"مندب برس".

 

تأهيل المكتبة إعادة الاعتبار لدور عدن الثقافي

 

بدوره ؛ وصف مدير عام مكتب الثقافة بعدن عملية إعادة تأهيل وصيانة المكتبة الوطنية بقوله  : ؛ إن المكتبة الوطنية  تقع في شارع يدل على تاريخ المدينة ويعبر عنها على مر تاريخ الحياة فيها ؛ هذا الشارع الذي عانى من الموت والدمار والإحراق في حرب الحوثيين والعفاشيين مع أبنائه في محاولة منهم لقتل كل ما هو حي يتحرك على الأرض أو يعلق بالذاكرة واليوم ينتصب هذا الشاهد الثقافي ليعبر عن صلابة هذه الأمة وعراقة تاريخها الثقافي والعلمي والفني ويؤكد بقاءها ما بقيت الحياة.

 

يتفق المثقفون والأدباء أن إعادة تأهيل المكتبة الوطنية عمل صائب من خلال التركيز عليه في هذه المرحلة التي يشوبها إختلالات جمة في الجانب الأمني ؛ وبتأهيل المكتبة الوطنية سيتجه الناس إلى القراءة والتوعية وبالقراءة تحيّ الأمم.

 

 ويتمنى المؤرخ العدني بلال غلام من خلال " مندب برس ؛ أن تقوم الجهات المختصة برفد المكتبة بمختلف أصناف الكتب وتفعيل دور المكتبة بمختلف الأجهزة والمعدات أسوة بمكاتب الدول الأجنبية والذي سيعود بالنفع للمكتبة نفسها متمنياً إعادة مركز الأبحاث الذي يتخذ من قصر السلطان "العبدلي" مقراُ له إلى المكتبة الوطنية.

 

إعادة تأهيل المكتبة بأيادي إماراتية

 

إلى ذلك يؤكد عبد الله باكداده مدير عام مكتب وزارة الثقافة بعدن وهو مدير عام سابق للمكتبة الوطنية لـ"مندب برس":  ؛ إن إعادة تأهيل المكتبة هو التفاتة إماراتية ودعم من إمارات الخير ممولة من قبل الشيخة فاطمة بنت مبارك وممثلة بجمعية أم الإمارات ؛ فإن ذلك يدل على زرع الحياة بدلاً من الموت ؛ والجمال بدلا من القبح وإبراز الذاكرة والهوية بدلاً من طمس التاريخ.

 

ويردف بقوله : ؛ أن هذه هي عدن وهذه هي الإمارات طائران يغردان في وجه الزمن والأمان وهما الضمان للرقي بالمستقبل ؛ شكرا إمارات الخير.

 

 عبد العزيز بن بريك مدير عام المكتبة هو الأخر يوضح لـ"مندب برس" : ؛ بأن التجهيزات جارية والعمل أوشك على الانتهاء للمبنى والذي يتكون من ثلاثة طوابق يحوي على قاعات للقراءة وأقسام للكتب شاكراً الإماراتيين جهودهم والتي عملت على تأهيل المكتبة  ؛ وأن عملية الصيانة شملت 11 قسم وعدد من القاعات ويتبقى القليل في الجوانب الداخلية بعد الانتهاء من إعادة صيانة الوجهات الخارجية للمبنى.

 

وتحوي المكتبة الوطنية على 56 ألف كتاب بمختلف الأقسام والمجلات موزعين على أكثر من إحدى عشر قسماً ؛ فيما يبلغ عدد العاملين في المكتبة قرابة الـ (80) موظفاً ويزور المكتبة شهرياً أكثر من سبعة ألاف  و359 قارئا وباحثاً.

 

هذا وتعد المكتبة الوطنية من أقدم المكاتب على مستوى البلاد والتي تعود إلى العقد الثامن من القرن الماضي والتي تعد واحدة من المؤسسات الثقافية والعلمية الرائدة والتي بنيت على نفقة دولة الكويت.

 

المكتبة التي تقاسمها الحوثيون واللصوص

 

مثلها مثل عشرات المنشاءات والمرافق الحكومية التي طالتها القصف وأحرقت بنيران الحوثيين ويأتي تاريخ اجتياح الحوثيين لمدينة كريتر  ؛ عمدت دبابات ومدرعات الحوثيين على قصف المكتبة الوطنية والتي تقع على مرمى حجر من مبنى البنك الأهلي ذلك المكان الذي كانت الدبابة الحوثية تقصف فيه يمنة ويسرة بما فيه المكتبة الوطنية.

 

تسبب القصف في إلحاق الضرر بمبنى المكتبة مما جعلها عُرضة للسرق واللصوص طيلة شهرين كاملين أي بعد خروج المقاومة من مدينة كريتر ؛ فتهافت البعض إلى أروقت المكتبة وسرعان ما قاموا بسرقة عدد من الكتب بما فيها الكتب النادرة  والثمينة لتشكل كارثة كبيرة بفعل هذا النهم المنظم حسب ناشطين.

 

ويفترش بعض الباعة الجولات ليبيعوا فيها كتباً سُرقت من المكتبة الوطنية كسلسة "فتاة الجزيرة" بُيعت بجولة الفل بمدينة كريتر بسعر (20) ألف ريال يمني وتعد مجلدات أول الصحف العدنية المسماه بفتاة الجزيرة من أندر الكتب في المكتبة والتي تعود إلى أكثر من سبعين عام.

 

وتقول إدارة المكتبة الوطنية لـ"مندب برس" : ؛ أن مجموعة من المسلحين ما يزلون يحكمون سيطرتهم على المكتبة بقوة السلاح يزعمون أنهم من عناصر المقاومة ؛ إلا أن المسلحين يقولون أنهم سبق لهم أن قاموا بحراسة مبنى المكتبة مندُ 17 يوليو/ تموز حتى اليوم ولهم مطالب مالية مقابل الحراسة قدرت بالملايين حسبهم.

 

 

*مندب برس