عدن بين رمضان الحرب ورمضان السلم والامان - تقرير

عدن لنج - صحف :

 

هاهو شهر رمضان يهل علينا من جديد، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار والذي نستشعر بمجيئه بتلك النفحات الروحانية والإيمانية فتعود ذكرياتنا وليالينا إلى الأيام الخوالي، أيام آبائنا وأجدادنا التي لازلنا نتذكر تفاصيلها المحفورة في أذهاننا وعقولنا فنستحضر معها التقاليد الرمضانية التي اعتدناها في مدينة عدن وضواحيها بجذورها التاريخية المتأصلة، تلبية للنداء الروحي بهذا الشهر الفضيل.

ولمدينة عدن مذاق خاص في الشهر الكريم تختلف عن تقاليد وعادات المدن اليمنية الأخرى التي ورثها أهالي المدينة أباً عن جد، فمن التجهيزات والاستعدادات المتعارفة تجد في حوافي (شوارع) عدن نكهة خاصة تختلف عن باقي المدن اليمنية الأخرى، هذه العادات والتقاليد التي كانت غالبا في رمضان المنصرم والتي يسعى لإعادتها أبناء عدن في هذا الموسم رغم ذكرى الحرب الأليمة التي مازالت جنبات تفاصيل ذكرها محفورة في خلدهم إذ تقول:

فمدينة عدن عاشت رمضانات عديدة ولكن ذكرى رمضان العام الفائت لم تعش البتة إذ تصف هذه الذكرى هبه عيدروس ناشطة حقوقية - لقد مر علينا شهر رمضان الماضي حزينا خاليا من الأجواء الروحانية بسبب أمور كثيرة أولها سقوط كريتر بأيدي تحالف قوات صالح ومليشيات الحوثي، وفقدان كثير من الأسر لأحبابها أما شهداء أو بسبب المرض، وأخيراً انقطاع تام للخدمات كهرباء مياه اتصالات..

أما فاطمة الناخبي إعلامية فتصف رمضان الماضي رمضان الذي مضى كنا لا نستطيع التحرك من مديرية إلى أخرى كانت المواد الغذائية غير متوفرة بصورة متكاملة رمضان الذي مضى فقدنا فيه أشخاص نعرفهم وأشخاص لا نعرفهم كان كومة من الوجع.

وحول الفرق تقول مواهب مدرسة وناشطة في مجال الاجتماعي - بالتأكيد أن هناك فرقا كبيرا بين رمضان الماضي والقادم بإذن الله فيما مضى كان رمضان يحتوي على غصة في قلوبنا مما نعانيه يومها أن نقضي رمضان في النزوح في قلب عدن النابضة بالحياة رغم تعرضها للحرب وبعيدا عن منازلنا التي كانت يحتوي ذكريات جميلة لأنها سكنت القلب.

بعض حزن من رمضان مضى:

وحول رمضان الماضي وما يتذكره مواطنو مدينة عدن تقول هبه عيدروس - لم نشعر خلال أشهر بما فيها رمضان سوى أننا خارج العالم منفيون محرومون من أبسط حقوقنا كاناس شعور قاس جداً لم نتخيل للحظة انه سيأتي يوم واحد ونعيشه بهذه المرارة والألم رائحة الموت مخيمة على الأجواء وأصوات البكاء ليلاً لفراق أحدهم يبث في النفس الحزن والكآبة وكأننا ننتظر متى سيزور منزل أحدنا المرض الذي لن ينفك عنه إلا بعد أن فارقت روحه الجسد، وأطفال يجرون براميل ودبب مياه وقت أذان الفجر وتسمع حديثهم الطفولي وتشعر بالألم على طفولتهم المقهورة ثم يعودوا لمنازلهم بالماء لمسافات بعيدة بعد الوقوف في طابور واحد مدة 5-6 ساعات هذه لمحة جزئية بسيطة مما عاناه أهالي كريتر الماكثون فيها .. لله الحمد من قبل ومن بعد على كل حال.

أما فاطمة الناخبي فتضيف- حدثت في رمضان الماضي مجزرة المنصورة وكان الحدث قريبا من منزلي فقدت العديد من الجيران الذين ارتقوا شهداء وكذلك العديد من الجرحى كان فاجعة بالنسبة لمديرية لم يدخلها الحوثي حدوث هكذا مجزرة على حين غفلة.

أما مواهب فتقول – أتذكر الحرب الدامية التي أوجعتنا كثيراً ولكنها الآن قد انتهت رغم الصراعات الحاصلة ،أن مامضى قد زال ولم يبق لي غير ذكرى أتمنى أنها لا تعود أبدأ وأن نعيش من دون عذاب أو ألم بإذن الله وهذا ما نتعشمه من دول التحالف التي بادرت بمحو ذكرى الحرب فور حصول هذه المدينة على التحرر من ربقة المليشيات .

ما أبت أن تمحوه الذاكرة

فرمضان ليس رمضان وخاصة أن ماعاشه المواطنون في مدينة عدن في رمضان الماضي لا يمكن أن ينسى، إذ تقول فاطمة - رمضان الماضي افتقدنا العادة العدنية وهي اللمة العائلية عند الإفطار لأسباب كثيرة منها النزوح خارج عدن ومنها منع الدخول والخروج بين مديريات العاصمة عدن.

أما هبه عيدروس فتقول - أما رمضان القادم إن شاء الله فسيكون أفضل فنحن في منظمة سواسية لحقوق الإنسان نعد لفعاليات رمضانية تعيد لنا ولأهالي عدن البهجة والسرور في أجواء روحانية ونعيد اللمة وروح الجماعة فيما بيننا تعويضا وتخفيفا لما مر عليهم.. هذا ما نستحقه بعد عام من كارثة إنسانية حلت علينا بهذه الحرب ولم يكترث احد بدرجة كبيرة لما لحق بها من أضرار مادية ومعنوية ونتمنى من الله أن يوفقنا فيما نسعى اليه.

أما مواهب فتقول طويلة هي ذكرى الوجع فانعدام توفر البترول والديزل للسيارات نتيجة حصارهم ذلك اليوم كان أوجع أيام حياتي وأن أرى رجالاً ونساء وحتى أطفالا يحملون دبب الماء ومنهم من يمسك بقطعة ثلج تذوب نصفها لأنه سار بها مسافة ولشدة الحر كانت دموعي تنساب وقلبي ينزف وجعاً فقمت بزيارة كريتر وعمل تسجيل صوتي كانت بمثابة صافرة إنذار لسوء الوضع الذي كان يعيشه المواطنون في مدينة كريتر الذين فضلوا البقاء رغم حصار المليشيات .

بعض ألفة نتمناها

وليس كل الذكرى حزينه فبين الحزن بعض فرح وسعادة إذ تقول هبه عيدروس - سنفتقد أهلا لنا، أصدقاء، وأحبة وشبابا عرفناهم بالحرب أبطالا دافعوا عن مدينتهم ببسالة ونفخر بهم وبانتمائهم لهذه المدينة لن نراهم ولكنهم في قلوبنا يسكنون .. هبه عيدروس ناشطة مجتمعية

أما مواهب فتقول، التلاحم والترابط ما كان يجمع الناس وقتها واجتماع عدة أسر في مكان واحد نتقاسم الأكل والشرب بحب وسعادة من دون أنانية أو حقد وخاصة أن ما تجود به المنظمات والجمعيات أقل بكثير جداً من أن يفي بحاجة الناس وغاية قولهم إنه مواد من منظمات وجمعيات خاصة وأهلية وليست من دول ومن الطبيعي ان يكون أقل من حاجة الناس وأن الغاية من هذا الفعل الخيري الاجتماعي هو مساندة لا الاتكاء الكلي على أمثال هذه المنظمات.

وان المساعدة الحقيقية في فرض أسعار موحدة من قبل الدولة على سلع رمضانية وكذا مضاعفة الدعم الدولي لأمثال هذه السلع حتى تصل للمواطن بأسعار يقوى على شرائها بدل هذا التفاوت المخيف فبعض المحلات تبيع السلع بأسعار غالية جدا زاعمة أنها الجيدة وذات المعيار الأطول مدة صلاحية بينما بعض المراكز الغذائية تبيع بأسعار مخيفة أقل من سعر الشراء وذات تاريخ مقرب الأمر الذي يجعل المواطن حائرا بين الغلاء والخوف على الصحة ،حقيقة هناك تخوف أكبر من أن تدركه كلمة مسؤول أو لفتة كريم من منظمة وجمعية مجاورة الأمر يحتاج إلى وقفة دولة تخاف الله .

وتضيف مواهب فبين مشاعر القلق والترقب والخوف نجد مشاعر الأمل بانفراج وشيك لهذه الأزمة السياسية التي طال أمدها وأدخلتنا إلى طريق وبين ذاك وذاك نجد موجة الحر الشديدة تعصف بهذه المدينة وأرجائها في ظل انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي التي اتخذت منحى غريبا هذا العام وكأنه مكتوب على هذه المدينة أن تعيش بهذا البؤس والشقاء فمن المسؤول إذن عن كل ما يجري بهذه المدينة؟ التساؤلات كثيرة والمعاناة قد تكون أشد ولكن عزاءنا أن يدخل الله الرحمة بشهر الرحمة لمن انتزعت من قلوبهم الرحمة وأملنا المأمول بأن تعود عدن بجهود الأشقاء الأفاضل في دول التحالف وعلى رأسهم دولة الإمارات الشقيقة التي مافتئت تقدم العون والمساعدة وان يعودوا بنا إلى ما كان يعيش بها أجدادنا السابقون وكما ينبغي أن تكون منارة وهامة تاريخية يتفيأ بخيراتها وثرواتها الكبير والصغير.