جمود مسار السلام في اليمن يدفع بإمكانية تغيير المبعوث الأممي

عدن لنج - صحف :

 

أظهر طول فترة الجمود الذي اعترى جهود السلام في اليمن، وتوقّف التحرّكات الأممية على ذلك المسار، أنّ المبعوث الأممي الحالي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، استنفد كلّ إمكانياته وبات عاجزا عن إحداث أي خرق في الملف، خصوصا أنّه لم يظهر منذ تعيينه في تلك المهمّة كاريزما خاصةّ وقوة شخصية تساعدانه على ابتكار الحلول وإقناع فرقاء النزاع بجدوى مناقشتها.

واعتبر متابعون للشأن اليمني اقتصار ولد الشيخ خلال الفترة الأخيرة على التلويح بمبادرات غائمة وانصرافه المتزايد نحو التركيز على الوضع الإنساني في اليمن، والذي يعرف الجميع أنّه حرج، دليلا إضافيا على أنّ الرجل بات عاجزا عن تقديم أي إضافة، وأنّ تغييره بمبعوث جديد أصبح أمرا حتميا ومحتمل الحدوث لإعادة تنشيط الحراك على المسار السلمي في اليمن.

وقال الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي في تصريح خاص لـ”العرب” إنّ التوجه لتعيين مبعوث أممي جديد إلى اليمن خلال الفترة القادمة بات مطروحا بقوة في أروقة المنظمة الدولية وأن الأمر كان سيتم عقب زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس في يونيو الماضي للرياض، غير أن القرار أرجئ نتيجة الحملة التي قادتها جماعة الحوثي وحزب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على ولد الشيخ، وهو ما تسبب في تأجيل صدور قرار تعيين مبعوث جديد حتى لا تبدو الأمم المتحدة وكأنها انصاعت لضغوط جهة غير شرعية.

وشرح البخيتي أنّ هناك عدة اعتبارات لإيفاد مبعوث أممي جديد إلى اليمن، أولها مطالبة ولد الشيخ نفسه أكثر من مرة بإعفائه من هذا المنصب لأنه وجد أن الأطراف غير جادة أو وغير مستعدة للتوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب، وهو من وجهة نظره لا يريد أن يكون شريكا في حالة الفشل التي تواجه جهود الانخراط في تسوية سياسية للملف اليمني.

واعتبر البخيتي أن إحاطة ولد الشيخ الأخيرة أمام مجلس الأمن حول الحالة اليمنية لم تتضمن جديدا وهي انعكاس، ربما، لحالة الإحباط التي وصلت إليها الجهود الأممية لإحداث اختراق من نوع ما في الملف اليمني، حيث تضمنت الإحاطة في معظمها رصدا للأحداث المتلاحقة في الساحة اليمنية ولم تتطرق إلى القضايا الخلافية الحقيقية كما كان يفترض بها، وهو ما يجعلها بمثابة كلمة ختامية، كما أن جولته الأخيرة التي شملت الرياض ولقاءه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أشبه بعملية ترتيب للمغادرة وتمرير الملف إلى مبعوث جديد، بعد أن وصل المبعوث الحالي إلى الحد الأقصى من جهوده في معالجة الملف اليمني المعقد والمتداخل على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

ورجح البخيتي في تصريحه لـ”العرب” أن يشهد الملف اليمني حالة من الجمود للفترة المقبلة على المستوى السياسي بانتظار حدوث تغيرات ميدانية على الأرض قد تسهم في تحريك الملف من جديد، وخصوصا أن الحوثيين تمكنوا من التأقلم مع الواقع الحالي بشقيه السياسي والعسكري نتيجة بطء التقدم في جهود التحرير على أغلب الجبهات.

وقدم ولد الشيخ الثلاثاء الماضي إحاطة جديدة لمجلس الأمن الدولي تطرقت إلى تطورات الأوضاع في اليمن وخصوصا على الصعيد الإنساني.

وانتقد المبعوث الدولي في إحاطته الحوثيين مذكرا بحادثة الاعتداء على موكب الأمم المتحدة في صنعاء وانسحاب المتمرّدين من المباحثات التي كانت جارية حول مصير ميناء الحديدة.

وشدد ولد الشيخ في تقريره على ضرورة عمل الأطراف اليمنية معا للتوصل إلى حل يخفف الأزمة الإنسانية، مؤكدا “أن تواصل القتال في اليمن يؤدي إلى انتشار أوسع للسلاح والألغام الأرضية”، وطالب مجلس الأمن بحث جميع الأطراف على التعاون مع جهود الحل على أن يكون الاتفاق حول محافظة الحديدة ومينائها الخطوة الأولى لوقف شامل للقتال.

وفي تعليقه على إحاطة ولد الشيخ قال المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل إنها لم تختلف كثيرا عن الإحاطة التي سبقتها، حيث ركز فيها بشكل واضح على الجوانب الإنسانية بهدف الضغط على أطراف النزاع دون أن يشير بشكل واضح إلى المتسبب بالحالة الإنسانية المتردية، وإلى أنّ المناطق الأكثر معاناة هي تلك التي مازالت تقع تحت سيطرة الحوثي وصالح.

وأضاف إسماعيل “يبدو أن الرجل كان مصرا في الكثير من إفاداته على مسألة المساواة بين الأطراف والذهاب بعيدا بشكل ملفت عن التوصيف الواضح للقرارات الدولية ذات الصلة باليمن، كما أن الرجل لم يعلن عن موقف واضح من قرار الميليشيات عدم التعامل معه وإغلاق مكاتبه في صنعاء. ومازالت الرخاوة تطبع تحركاته ومجهوداته”.

وعلّق المحلل السياسي اليمني عزت مصطفى على تحركات ولد الشيخ الأخيرة وإحاطته أمام مجلس الأمن بالقول “لم يظهر من خلال الإحاطة الأخيرة التي قدمها ولد الشيخ أن هناك أفكارا جديدة لديه يمكن أن تحرك المياه الراكدة على مستوى جهود التسوية السياسية، فمازال المبعوث الأممي يعمل وفق الأفكار التي كانت مقبولة قبل فترة ولم تطبق ومن ثم تجاوزها الزمن والأحداث”.

وأضاف معتبرا أن “الدفع بأي تسوية سياسية خطوة للأمام تحتاج إلى إجراء تحديث لخارطة الصراع في ذهن ولد الشيخ وفق التطورات سياسيا وعسكريا بما يسهم في بلورة أفكار جديدة غير السابقة، خاصة وأنه كان قد وعد قبل أكثر من عام بمراجعة آلية العمل عقب مشاورات الكويت، ومنذ ذلك الحين لم يبد أن الآلية تغيرت حتى الآن”.