الـدوحـــة تتحــدى العالم وتوفر لطهران العملات الصعبة

عدن لنج - وكالات :


أصدر القسم الإعلامي في مجموعة «بوليسي إمباكت كوميونيكايشن» للخدمات السياسيّة والإعلامية وثائقيّ «قطر: حلف خطير» حول علاقة قطر بتمويل الإرهاب. وفي الجزء الرابع منه الذي جاء بعنوان «أوّل بين متساوين»، وضع الخبراء في مسائل التطرف العلاقة بين إيران وقطر في

إطارها الصحيح الهادف إلى رسم طهران حدود نفوذها في المنطقة. يحاول المجتمع الدولي الضغط على إيران من خلال منعها من الوصول إلى العملات الصعبة لكنّ قطر تساعد إيران في هذا

المجال عبر تأمين كميات ضخمة من الأموال التي تحتاج طهران إليها.
يؤكّد الباحث البارز في معهد الشرق الأوسط أليكس فاتانكا أنّ إيران وتركيا تساعدان قطر في مواجهة المقاطعة، مستفيدتين من غياب الوحدة الذي يسيطر على مجلس التعاون الخليجي.

في المقابل، يشدّد فاتانكا على أنّ القطريين لا يقولون للأتراك والإيرانيين ما عليهم فعله بل العكس. ويصف نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيّات جوناثان سكانزر العلاقة بين قطر وإيران بغير السهلة. فقطر طالبت الأميركيين ببناء قاعدة عسكرية على أراضيها لأنها كانت قلقة من عدائية إيران. من جهة أخرى، يشير الباحث نفسه إلى وجود أخبار عن كون القطريين قد تعاملوا مع وكلاء إيران في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين وقوات صالح في اليمن والذين تسبّبوا بسقوط ضحايا بين القوّات السعوديّة والإماراتية. وهذا سيؤدّي إلى مزيد من التأزّم في المنطقة.

ويقول فاتانكا إنّ أحد الأسباب التي دفعت الدول المقاطعة لقطر إلى اتّخاذ هذه الإجراءات هو قلقها من العلاقات القطرية الإيرانية. وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الأزمة، ها هي الدوحة تعيد سفيرها إلى طهران. وهذا يفيد بأنّ قطر تقول لمقاطعيها إنّها تضاعف الرهان وإنّها ستتابع سياستها الخارجية بالطريقة التي تناسبها. ويتحدّث الباحث في معهد هيودسن لي سميث عن أنّ هذه العلاقة تبعث على القلق وهي محطّ مراقبة للمدى الذي ستصل إليه.

ويرى فاتانكا أنّ الإيرانيين ينظرون إلى عزلة قطر ويحاولون معرفة ما إذا كان بإمكانهم تسجيل نقاط في الشرق الأوسط. ويشير سميث إلى ضرورة تذكر كيف تتشارك الدوحة وطهران حقل غاز ضخماً، لذلك سيكون على قطر أن ترسم علاقة مع إيران بطريقة أو بأخرى. لكن ما يثير الالتباس بالنسبة إلى فاتانكا هو انخراط قطر وإيران في حرب وكالة داخل سوريا لأنهما تدعمان أطرافاً مختلفة في ذلك النزاع، ومع ذلك، لا يذكر الإيرانيون قطر بأي سوء. فلا تهديدات إيرانية تجاه الدوحة كما تفعل طهران مع دول أخرى من مجلس التعاون الخليجي، وهذا ما يفسر أنّ شيئاً ما يحدث خلف الكواليس.

من جهته يؤكد السفير الباكستاني السابق إلى واشنطن حسين حقّاني أنّ قطر تصعّب مهمة عزل إيران، هذه المهمة التي تحب الدول العربية الأخرى أن يتم إنجازها. ويشير فاتانكا إلى أنّ قطر تستمرّ في اتّباع سياسة خارجية منفردة، تشكل تهديداً لمصلحة سائر الدول الأعضاء في مجلس التعاون، خصوصاً أنّ الإمارات العربيّة المتحدة والمملكة العربية السعودية لا تثقان بالنوايا الإيرانية. كما تشعران بأنّ قطر ستكون الحلقة الأضعف في هذا المجال، الأمر الذي سيمكّن الإيرانيين من مدّ نفوذهم إلى شبه الجزيرة العربية. ولم يكن حقاني بعيداً عن هذا التحليل، إذ رأى أنّ محافظة قطر على هذه العلاقة ستعزز سياسة إيران المتطرفة، وهذا يشكّل خطراً، خصوصاً أنه يأتي في وقت تحاول بقية دول العالم أن تعزل طهران.
ويضيف فاتانكا أنّ إيران في علاقة تكتيكية قريبة من روسيا، إذاً ليس الأمر مرتبطاً فقط بتركيا وإيران، بل هو يتعلق أيضاً بالنوايا الروسية. فالروس لم يتمتعوا بوجود عسكري في منطقة الخليج، ولذلك يمكن أن يكون الوقت قد حان بالنسبة إلى موسكو كي تنتقل باتّجاه الجنوب. يقول فاتانكا إنّ القطريين من الناحية المنطقية لن يصلوا إلى هذا الحد البعيد، لكنّ العواطف هي في مستويات عالية الآن، وما يشهده مجلس التعاون حالياً هو توتر عائلي. والتوترات العائليّة يمكن أن تصل إلى حدود بعيدة وهذا ما يجعل التوقعات المرتبطة بهكذا توتر صعبة جداً.

ويتحدث حقاني عن محاولة المجتمع الدولي الضغط على إيران من خلال منعها من الوصول إلى العملات الصعبة، لكنّ قطر تساعد إيران في هذا المجال عبر تأمين كميات ضخمة من الأموال التي تحتاج طهران إليها. وبعدها، تقوم السلطات الإيرانية باستخدامها في سوريا لزعزعة استقرارها، كما تستخدمها في لبنان لدعم ميليشيا تواجه الحكومة الشرعية، إضافة إلى تدمير مسار السلام في فلسطين.

ويتكلم فاتانكا عن تشارك الدولتين لأكبر حقل غاز في العالم الذي يجبر قطر على التعاون مع الإيرانيين لاستغلال مليارات الدولارات من تلك الموارد. ويشير إلى أنّ قطر غير راغبة بأن تواجه إيران ما واجهته الكويت من صدّام حسين، وهي تضطر إلى أن تعبر خيطاً رفيعاً في هذا المجال. لكنّه يشدّد من جهة أخرى على ما يقوله المقاطعون للدوحة من أنّها لا تعبر خيطاً رفيعاً في سلوكها، بل هي تتصرّف وفقاً للمصالح الإيرانية.