الحُبُّ بالرَّسْمِ للقائد الشهيد "أبي اليمامة"!

محبة الناس نعمة عظيمة، لكنها لا تُشترى بالمال, ولا تفرض بالقوة أو الجاه, وإنما تُكتسب بالأخلاق الحميدة والأفعال العظيمة المفيدة التي يلتمسها الناس, ومثل هذا الحب يحظى به بوجه خاص أبطال الأمة ورموزها وقادتها الميامين ممن تركوا بصماتهم الجليِّة في صناعة الأحداث التاريخية, فتسلل حبهم إلى قلوب الناس بدون استئذان وفرض سطوته بتلقائية.

ومن أبطال زماننا ممن أحبهم الناس في بلادنا الشهيد القائد منير محمود اليافعي (أبو اليمامة) الذي فرض حب الناس له حياً وهو يصول ويجول متصدياً لقوات الاحتلال وللغزو الحوثي لعدن والجنوب, ثم في مطاردة الجماعات فأضحى محل رضا وإعجاب وحب وتقدير المواطنين الباحثين عن وطن ينعم بالأمن والأمان, فضلا عن رضا القوى الدولية التي تكافح الإرهاب بكل أشكاله.

وازداد الحب لأبي اليمامة, القائد والإنسان, بعد استشهاده, فتحول إلى رمز وطني وعربي, ومن خلال ما رصدته فيما نشر عنه حياً وبعد استشهاده وضمنته الكتاب التوثيقي عنه (أسد الجنوب ..قاهر الإرهاب) لم أجد قائداً من أقرانه حظي بمثل ذلك الحب الجارف والعارم من لدن عامة الناس ومن مثقفيهم وشعرائهم وفنانيهم, ولعل فعالية ذكرى مرور مائة يوم على استشهاده قد كانت خير شاهد على ذلك الأثر العظيم الذي أحدثه استشهاده والحب الكبير الذي تركه في قلوب الناس بمختلف شرائحهم.

ومن أوجه ذلك الحب الراسخ بالقلوب, على سبيل المثال لا الحصر, ما تجلى في عدد من الأعمال واللوحات الفنية المكرسة لرسم صورة ذلك البطل الفذ , حيث انبرى عدد من الرسامين والمبدعين لرسم صورته في لوحات فنية بدافع إعجابهم به وحبهم له قائداً وإنساناً, ومن تلك الأعمال لوحة فنية للشهيد منير اليافعي واستشهاده بريشة الفنانة صبا العفيف لتقاسيم وجهه ورسمت باللون الأحمر الزاكي, الذي يمثل دمه الطاهر, خارطة للجنوب العربي الذي ضحى من أجل حريته وعزته وكرامته واستقلاله. ومما يجدر ذكره أن صبا قد خصَّصت منذ سنوات إبداعها الفني لرسم شهداء الوطن الأبرار قدمتهم في لوحات مميزة تنم عن ارتباطها الحميم بقضايا وهموم وطنها الذي يسكن هاجسها, رغم أنها تعيش في بلاد الحرمين الشريفين.

وفي مدينة الحبيلين عاصمة مديرية ردفان أقدم الفنان الشاب عزالدين محمد حسن على رسم لوحة جدارية في واجهة مبنى بالشارع الرئيسي مستخدما أبسط مواد الرسم فأبدع لوحة معبرة, تلفت الأنظار, بدافع حبه لصاحبها الشهيد القائد (أبي اليمامة).

 وفي أربعينية الشهيد أبي اليمامة قدمت الفنانة التشكيلية إيناس ناصر سلامة بن هلابي, وهي أخت الشهيد البطل ناصر سلامة بن هلابي (استشهد في المعلا يوم 17/7/2015م), قدمت لوحة معبرة لوجه الشهيد أبي اليمامة بالأسود والأبيض وسلمتها هدية لأسرة الشهيد. وفي فعالية ذكرى مرور مائة يوم على استشهاد أبي اليمامة ورفاقه فاجأتنا الفنانة التشكيلية إيناس هلابي بلوحة للشهيد القائد منير محمود اليافعي وحوله صور رفاقه الشهداء الذين سقطوا معه في العملية الإرهابية الغادرة في الأول من أغسطس 2019م, وقد أخذت اللوحة مكانها بجانب صورة مجسمة للشهيد أثناء الحفل..

وهناك لوحات كثيرة لا نستطيع حصرها لفنانين وهواة آخرين, ويظل الشهيد القائد أبو اليمامة بسيرته ومناقبه وبطولاته الخالدة مادة ملهمة ومحفزة لإبداع الفنانين والأدباء والشعراء. وكما قال رفيق دربه القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبية في كلمته بذكرى مرور مائة يوم على استشهاده:"نود أن نقول بكلمات مختصرة بعد مائة يوم من رحيل بطلنا أننا لم ننساه وبعد مائة عام ومائه عقد لن تنساه الأجيال بل سيظل كل جيل يخلد سيرة العظماء وبينهم سيرة ومسيرة الشهيد أبو اليمامة بل ستدرس هذه التضحيات لأجيال لم تعاصر هذه المرحلة الصعبة، لتدرك أي قادة وأي رجال صنعوا مجد وانتصارات هذه الأمة".

 

مقالات الكاتب