لماذا الخوف من #كورونا؟

كما نعلم أن عدد من الامراض المعدیة قد حصدت ملایین الارواح من البشر خلال القرن الماضي وما قبله ولكننا لم نعد نسمع او نروى لمثل تلك الجوائح المرعبة التي خلفت الكثیر من الضحایا, هذا وبالرغم من تفشي لبعض من تلك الامراض بین الفینة والاخرى في عصرنا الحاضر ولكن الأسوأ منها لم یصل الى مرحلة الجوائح وذلك لتوفر الامكانیات وسهولة السیطرة على تلك الاوبئة والفاشیات.
 
 
مرض الطاعون Plague ذات السمعة السیئة في الماضي قد انتشر قبل عدة سنوات في احد المناطق في الهند وتمت السیطرة علیه في خلال اسابیع قلیلة وذلك لان البكتیریا المسببة للمرض وهي الیرسنیة الطاعونیة."pestis Yersinia "حساسة للمضاد الحیوي حیث انه اثبتت فعالية عدة جرعات من عقار التتراسیكلین Tetracycline او الاستربتومیسین streptomycin ,كما ان الاثنان معا قد یشكلان ثنائي فعال في علاج المرض على الاقل حتى یومنا هذا.
 
 
وكذلك الفیروس التاجي ( كورونا) Coronavirus المستجد الذي ظھر في الصین ومازال یثیر قلق العالم الى ھذه الساعة فهو یحمل جینات وراثیة مغایره عن اقرانه من نفس العائلة, وقد اطلق علیه العلماء ( كوفید 19 COVID , (فان الصین قد نجحت الى حدا كبیر في السیطرة على ذلك الوباء ومنع تفشیه بنسب عالیة جدا حیث قللت عدد الإصابات والوفیات بشكل ملحوظ, وذلك باتباعها الطرق الفعالة في المعالجة والمكافحة للمرض, حیث انشات مستشفى خاص للمعالجة والحجر الصحي, فبالرغم من عدم توفر العلاج الفعال لذلك الفیروس الى یومنا هذا فقد ترك الامر للسیطرة على الفیروس في جسم الانسان للجهاز المناعي فالمعالجة تعتمد في الاساس على تدعیم وظائف الجسم الحیویة وتقویة الجهاز المناعي ومنع دخول المریض في مضاعفات خطیرة, حیث ان معظم الوفیات الكورونا كانت عند اولئك الاشخاص الذین عندھم ضعف في المناعة ومنھم كبار السن والناس المصابین ببعض الامراض المزمنة.
 
 
وما قامت به دولة الصین من جهود في السیطرة على المرض یزف الینا البشرى, بانه یمكن لأي دولة في العالم لو قدر الله وتفشى فیها الوباء ان تكون لدیها المقدرة على السیطرة علیه اذا ما توفر الامكانیات مثل التشخیص المبكر للمرض وتقدیم الرعایة المناسبة للمریض ومنها  تدعیم الوظائف الحیویة واهمها اجهزة التنفسي الاصطناعي اذا ما دعت الحاجة لها, والعقاقیر التي تخفض درجات الحرارة وتمنع المضاعفات.
 
 
ان مشكلة الامراض المعدیة هي ان المریض الذي یصاب بها یمر بفترة تسمى فترة الحضانة period Incubation وهي المدة التي تبدا من دخول المیكروب الى جسم الانسان الى ان تظهر اعراض المرض وهذه الفترة تختلف من میكروب الى اخر , ففي حالة فیروس الكورونا المستجد قدرت المعلومات الأولیة بان تلك الفترة قد تأخذ من یوم واحد الى 14 یوم, وربما اكثر وذلك لان الفیروس یعتبر جدید ویجهل عنه الكثیر والكثیر من المعلومات مازالت تحت الدراسة. والاھم من ذلك ان الفیروس في هذه الفترة یتكاثر ویظهر في افرازات الانف والفم للمصاب, فیمكن التقاط الفیروس بمجرد التحدث مع شخص مصاب بذلك الفیروس لیصبح ذلك المریض قنبلة موقوته ینشر المرض این ما ذھب ویكون خطرا على من حوله, واشارة الدراسات الى ان فیروس كورونا یمكن ان یبقى حي على الاسطح من بضع ساعات الى عدة  ایام, بمعنى ان مصدر العدوى ستكون هي تلك الاسطح الملوثة حتى وان لم یكن ذلك المریض موجود.
 
 
وبالرغم من ان أغلب المصابین بفیروس الكورونا یتم شفائهم، الا ان ما یجعلنا نخاف من الكورونا, هي مدى توفر الامكانات في بلداننا و نتساءل هل سیكون هناك متسع للمرضى في المستشفیات والمراكز الصحیة الاخرى؟ وھل الكادر الصحي مؤهل لان یقي نفسه  ویعالج المرضى؟ وهل الاجهزة والمعدات والعقاقیر اللازمة للوقایة او المعالجة للمرض متوفرة وبالكمیة التي تمكنهم من السیطرة على الوباء؟ وهل معدات التشخیص والكشف عن الحالات المصابة متوفرة في جميع المنافذ الجویة والبریة والبحریة؟.
 
وفي الاخیر ان افضل طرق المعالجة لمثل هذه الامراض هي الوقایة منها وذلك بالالتزام  بالتعلیمات التي ما شانها التقلیل من الاصابات ومنع انتشار الفیروس, وان یبقى الشخص في منزله ولا یخرج منه الا للضرورة القصوى. ویبقى الامل في انتاج لقاح یمكن ان یبدد كل المخاوف من هذا المیكروب المرعب, حیث ان ھناك تجارب تبشر في التوصل الى لقاح 
للفیروس , واحد هذه التجارب هي التي تمولها الحكومة الأمریكیة بحیث یتم تجربة جرعات من لقاح ضد الفیروس على 45 متطوعا من الشباب الأصحاء, بحیث یهدف اللقاح الى استحثاث الجهاز المناعي لإنتاج اجسام مضادة وبروتینات من شانها تجنب الاصابة بالفیروس او تعالجه..و نسال الله تعالى ان یجنبنا واوطاننا هذا الوباء القاتل, والسلامة من كل شر ومكروه... آمین.

مقالات الكاتب