لعلي محضار صفحات نضالية خالدة

 
عندما نتذكر جليا نضالات الاماجد الأوائل من  المناضلين الوطنيين الافذاذ فاننا لانفعل ذلك تخليدا لما اجترحوه ، بكدهم وكدحهم وعرقهم ودماءهم الطاهرة ، من بطلولات عظيمة من اجل التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي فحسب وانما ذلكم عرفانا واعترافا بما بذلوه وضحوا  له بالغالي والنفس والنفيس لكي يظل نبراسا ودرسا تأريخيا واجبا تهتدي به وتستلهمه وتتعرف عليه بإمعان وتستخلص منه العبر القيمة الاجيال اللاحقة والجيل الصاعد من الشباب ، خاصة تلك التي لم تعاصر او تستوعب  احداث ومنعطفات المراحل السابقة بحلوها ومرها بنجاحها وانتكاساتها.
فالمناضل الوطني الكبير اللواء علي محضار قاسم كان واحدا من أولئك الأبطال الأوائل الذين قدموا التضحيات الجسام بسخاء وقناعة وشجاعة لا تلين وهمة وعزم شديدين وتحمل عناء وقساوة الظروف المعيشية للحياة وتحديات تطلعه للعلم والعمل كناحت صخر باظافر يديه وناقش لوحة مخضبة بمداد عرقه ودموعه معتمدا على نفسه ومشاركا نشطا في معترك التحرر الوطني في آن معا. 
ويفرض الواجب الاخلاقي والادبي علينا  تجاه هذه القامة الوطنية ان نسرد ونخلد ذكرياتها الناصعة بياضا المشعة نورا وضياءا وان ننشر ما نعلمه وما عن صفحات نضاله لا للتباه وانما تقديرا واحتراما واكبارا واجلال لهذه الهمامة الوطنية.
ورغم انه قد اجرى اللقاءات والمقابلات الصحفية العديدة ومشاركته بندوات وثقت فيها سرديات مشاركاته النضالية والوطنية لكن ذلك لا يمنع تناول ما يمكن تناوله لتسليط الاضواء عن مسيرته النضالية الوضاءة  ابتداءا من مشاركته بحركة محمد عيدروس العفيفي ضد المشاريع الاستعمارية البريطانية في الخمسينات من القرن الماضي مرورا التحاقه بالحرس الثاني الاتحادي بعدن واستغلاله فرصة الوقت المسائي المتاح للتعلم بالمعهد التجاري في الشيخ عثمان  الى انضمامه للعمل الوطني الكفاحي السري للجبهة الوطنية لتحرير جنوب اليمن المحتل في بداية الستينات والذي كان احد مؤسسيها وقادتها الى انضمامه للجبهة القومية وقيادته لجبهة يافع الساحل وما تلى ذلك .
 وعلي محضار لم يكتف بنضاله في صفوف الجبهة الوطنية وكسب الاعضاء الجدد بعدن المدينة بل امتد نضاله الى يافع الساحل بمدينة جعار( بصورة سرية ) وقد صادف اني التقيته وتعرفت عليه لاول مرة عام 62 ( وانا ادرس في ثالث متوسط) عندما جاء الى منزل ( عمي ) ناصر عبدالقوي ( احد مؤسسي الجبهة الوطنية ) واجتمع بلفيف من الوطنيين الأحرار بغرض تعريفهم بالجبهة الوطنية وضمهم الى العمل السري للجبهة ( منهم صالح عبدالرحمن الحريري ، علي محسن البعسي ، علي ناصر اليزيدي ، علي سالم الناخبي وغيرهم ) وقد كان زميله بالحرس الثاني الاتحادي والمعهد التجاري ورفيق دربه بقيادة الجبهة الوطنية علي مقبل حسين ( كما اخبرني علي مقبل في لقاء شخصي معه في الثمانينات ) هو الاخر ذهب الى الضالع للقيام بنفس المهمة الوطنية والتقى بلفيف من شخصيات وطنية لضمها الى الجبهة الوطنية . 
 وبعد ان تقوى عود الجبهة الوطنية وتوطدت مكانتها ودورها في عدن وانحاء من الجنوب وعندما تفجرت ثورة 26 سبتمبر 62 الخالدة على الحكم الأمامي البائد في شمال اليمن كان ممثل الجبهة الوطنية عبدالقادر امين  واحدا من الذين التقوا وقابلوا قحطان محمد الشعبي  الامين العام  للجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل ( التي تأسست بصنعاء في اغسطس 63 )للانضمام اليها  وكانت الجبهة الوطنية احد المنظمات والتنظيمات السبع  التي اعلن عن ضمها ودمجها بالجبهة القومية.
 ولما تفجرت ثورة 14 اكتوبر 63 من على قمم ردفان الشماء وجد علي محضار فرصة سانحة للالتحاق بأربعين من رفاقة بدورة تدريبية عسكرية قصيرة لكوادر قيادية بقلعة صالة بتعز رتبتها الجبهة القومية في عام 64 لتوزيعهم  على الجبهات وقيادة العمل في الداخل وبعد تلك الدورة التدريبية لم يعد علي محضار الى عمله في الحرس الاتحادي  وانما الى جبهة القتال  في ردفان مشاركا بجيش التحرير ومن ثم الى جبهة عدن التي اعلن عن افتتاحها في عام 64 .
وفي نفس العام تعين علي محضار قائدا لجبهة يافع الساحل وتمكن من تشكيل فرقة عسكرية قامت بعمليات عسكرية وفي احدى هذه العمليات بمنطقة يرامس في ابين نشبت معركة غير متكافئةمع قوة عسكرية من سلطنة الفضلي ( بسبب وشاية ) نفذت فيها ذخيرة المجموعة وجرح منها من جرح وتم اسر علي محضار ورفاقه وزج بهم في سجن جعار المسمى البحرين.
وتكررت معرفتي به والتعرف عليه ولكن هذه المرة  كانت بغياهب سجن جعار   فعلى اثر مظاهرة  قمنا بها طلاب كلية الاتحاد بمدينة الاتحاد تم اعتقال مجموعة  من الطلاب النشطاء ووزعوا على سجون مناطقهم وكان مصير سبعة منا سجن جعار وقضينا فيه عدة اسابيع والتقيت بعلي محضار بالسجن مرات عدة عندما كانت تتاح لنا  فرص الخروج الجماعي من  الزنازين الى الباحة الداخلية للتشمس والمشي لمدة ساعة واحدة وكانت معنوياته عالية ويشد من ازر رفاقه في السجن .
وبعد خروجنا من السجن نقلنا احوال واخبار علي محضار ورفاقه  الى تنظيم الجبهة القومية .
وبعد عدة اشهر تمكنت خلية من الجبهة القومية من ترتيب تهريب علي محضار ورفاقه من السجن ( ومن هذه الخلية محمود سبعة، ناصر عبدالقوي، صالح فاضل ، عبدالله عبدالرحمن ، والحارس محمود خالد والذي كان يتولى حراسة برج السجن في تلك الليلة ) وذلك بمد الحبال من البرج  الى اسفل الجدار الخارجي للسجن وبعد فتح الزنزانة وطلوع علي محضار ورفاقه واحدا واحدا نزلوا بالحبال الى خارج السجن  وهربوا باتجاه باتيس والأغلبية ( ومنهم  علي محضار  والحارس محمود خالد ) سلكت طريق كبث وادي بناء  سيرا على الأقدام الى ردفان ومن ثم الى تعز والبعض ذهب طريق اخر لتفاد وقوع الكل في مصيدة الاسر لان قوة عسكرية من الحرس خرجت تبحث عنهم .
( بقية الموضوع يرسل لاحقا الليلة )
محمد عبدالقوي
وزير الاعلام الاسبق
يوليو 2020