اسرة الفقيد الميسري تستقبل واجب العزاء بعدن
استقبل محمد الميسري، رئيس قسم المشتريات بديوان وزارة العدل، اليوم واجب العزاء في وفاة والده نائب مدي...
تعودنا أن نكتب عن الأبطال بعد أن يستشهدوا، وتعود القارئ الكريم ان يقرأ مثل هذه السطور عن الشخص بعد وفاته، كما لو أن الحديث عن البطولة يجب أن يقتصر فقط عن الشهداء دون غيرهم، لكن ماذا عن الشهداء الأحياء؟
كل يوم أفكر في بلاد الحواشب الحبلى بالرجال الصناديد باعتبارها مصنعاً لفحول البطولة وجهابذة الفداء والتضحية، وأتعجب كيف لمنطقة نهضت من تحت ركام الإهمال والإقصاء والجحود والنسيان والنكران والتهميش لتحرس الوطن كله هوية وثورة وحرية وكرامة؟!
لكن الحواشب ليست آثار سلطنة تليدة ولا معالم تراثيه ولا حضارة شامخة وعظيمة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، ولا جبال وروة التي ترضع الغيم من ثدي السماء، بل هي رجال صناديد وهامات عالية تطاول السماء بالتضحية والنخوة والشجاعة والشهامة والنزاهة والفداء، انها هي خارطة الجنوب العربي باكمله.
تابعت كغيري استشهاد نخبة من الأبطال الميامين المنتمين لهذه الأرض الولادة والمعطائه، وقرأت سيرهم الذاتية التي كتبوها بدمائهم، وفي كل بطل وعند كل سيرة كانت تتبدى لي قصة بطل الأبطال الذي صنع درب البطولة، وسيرة ذاتية لرجل قرر أن يحرس حلم ابناء الوطن جميعاً دون أن يتحدث عن بطولته ولا عن تضحيته، انها قصة ملحمية تؤكد سيرة لنكران الذات وقصة لإحتكار السيادة.
انه البطل الأول "محمد علي الحوشبي" حفظه الله ورعاه، هذا القائد الفذ الذي جعل من اسم الحواشب لقباً حقيقياً يطابق معناه بعد أن ظل مجرد أسم تتقاذفه الألسن ويتناوله الكثيرين دون إقرار بأهميته وبقيمته من جميع النواحي، ان القائد "أبو خطاب" طيب الله ذكره وأعلى مقامه، ليس قائداً لأمن هذه البلاد فحسب، إنه هو من يحافظ على ماتبقى من أحلامنا وعند كل شهيد من مدرسته الثورية والنضالية والتي ترعرع فيها وتخرج منها العديد من فطاحلة البطولة والفداء يواريه الثرى يواري معه أوهام المعتدين ويغرس للوطن فسيلة تمتد من القاع حتى الفضاء.
القائد "محمد علي الحوشبي" حماه الله من كل شر ومكروه، تعرفه بلاد الحواشب بطهره واخلاقه ونقائه وصدقه وأمانته واخلاصه وقد علقها على أهداب عينيه، ويعرفه الجنوب وهو يقرأ خارطة الوطن في تقاسيم وجهه البهي الندي المتعفر بذرات التراب الطاهر والمتلون بسمرة هذه الأرض، فحين تحدثه يبعث فيك الطمأنينة على حساب جهده وسهر لياليه وشفتيه المبللتين بالعزيمة والإرادة والإصرار ولحيته التي يزينها غبار جبهات العزة والكرامة.
قدمت أسرة هذا المناضل الجسور منذ بدأية الحرب ضد مليشيا الحوثي الإرهابية في العام 2015م كوكبة كبيرة من الشهداء والجرحى وهو واحداً منهم في الكثير من المعارك والجبهات المختلفة البعض منهم لم يسمع بهم أو يرثيهم أحد وكلهم من أهله وذويه وأقربائه ليواريهم هذا القائد الهمام بصمت الكبار ويستمد منهم عزيمته التي لاتلين دون ان يحدث اي ضجيج ولا مناً ولا أذى فمن بالله عليكم عبقرياً يمتلك كل هذا الدهاء والصبر والحكمة ورباطة الجأش في مثل هذه المنعطفات الصعبة مثل "أبو خطاب".
يطل القائد البطل "محمد علي الحوشبي" في كل مرة على الجميع بروحه الكبيرة وعزيمته المتوثبة فهو من صنعته الأقدار ليتحمل عبء المهام والمسؤوليات الوطنية المستحيلة ومن أختارته ليلتحب دروبها الطوال، لم يهزم ابن الحاج علي مليشيات السلالة وجماعات الإرهاب فحسب، وهو الذي ما هزم قط في معركة بل إنه هزم اليأس أولاً وهزم الخوف ثانياً وقد مد صحاري وقفار وفيافي وجبال الحواشب لحافاً ولا شيء يطويه سوى زرقة السماء.
لـ"أبو خطاب" يحرسه ربي ويرعاه، مدرسته الخاصة فهو القائد الأمين الذي يأرز إليه الأبطال والرجل الذي يؤسس الأمن والأمان والبطل الذي يصنع القادة الرجال والشيخ الذي جعل للمشيخة طعم البطولات والشهيد الحي الذي يهابه الموت ولا يفارقه غبار المعارك في كل الساحات التي يخوضها، ولو رسمت الحواشب بكل حضارتها وتاريخها العريق وعنفوانها وقبائلها وأبطالها في وجه رجل لما كان سوى وجه القائد العظيم "محمد علي الحوشبي" آدام الله ظله الوارف على الجميع.
عند ابن الحاج علي ستجد الوطن كله بطولات وفداء من كل شبر تحتضنهم مدرسة هذا القائد المنتجب وتحيلهم ابطالاً لا يعرفون سوى الجنوب قضية وهوية وحضارة ومجداً وبسالة، ان رجلاً قدم مايقدمه هذا القائد ورجاله من دمه وماله وجهده لن نخاف عليه غرور المديح، فما ضره والله مايفعل بعد ما قدم وقومه وابناء جلدته.
أكتبوا عن هذا القائد العظيم، أكتبوا عن الشهداء الأحياء، وامدحوا البطل بما فيه فذلك عاجل بشرى المؤمن، وما أقلت غبراء الوطن ولا أظلت خضراؤها اصدق لهجة منه في هذا الزمن المتخم بالقيادات المعطلة والنياشين المهزومة، وإني لمادح إياه وإن حثى على وجهي الثرى، فليس في ترابه سوى ريح الوطن وعبق الثورة وسيرة الرجال الخالدين.
نفسي الفداء لك ولأمثالك من نشامى الرجال، فأرواحنا دون روحك وعزمنا نقده من عزمك وكرامتنا تعشب في ظلالك ووطننا في أمان على كاهليك.