هل نامت الحالمة مثخنة الجراح؟!!

 
 
 
الحالمة تعز يرحل بها الزمان في أفق مسدودٍ،وفي دائرة مقفلةٍ بلا منافذ ولا مرافئ،يحاصرهامن كل الجهات الغول والتنين وطاهش الحوبان،فبدت من فرط حصارها كجسدٍمسجي داخل تابوت ضيّق تنهش أشلاءه أنياب الحاقدين ، وتمزّق أطرافه الذابلة  مخالب العابثين .
 
رحل عن الحالمة -مكرهاً- الرخاء والغناء والصخب ، وحلّها -مرغماً- العناءوالبكاءوالسّغب،فقصورها المنيعةالتي كانت تصدح من جنباته زغاريد المحبةوالوئام، وتنداح من شرفاتهاتغاريد المودة والسلام،قدتداعت أركانها وتناثرت أحجارها،ولم تعدتسمع منها غير أنين ونشيج وعويل يتصاعد من تحت أنقاضها والركام . 
 
أما حقولها الخضراء التي كانت على مداركل فصول السنةتجود بسنابل القمح والذرة ومحاجين آب،قد جفّ ضرعهاويبس زرعها وعمّها الجدب والخراب،لمازرعها الشياطين ناراً وباروداً ، لا تُشبع بطون الجائعين وإنماتحصدمنهم سيقانهم والرقاب ، وحاملات الشريم اللاتي كنّ يجلبن أعلاف وحشائش الماشية من الحقول قد تكورن في خدورهن،خوفاًمن رصاصات قناص أرعن لا يتورع من كسر القوارير وقتل العصافير وجرح الفراشات الناعمة .
 
وإن تسل عن وادي الضباب وطن العشاق وملتقى الأحباب،فوأسف المشتاق وحسرته،كيف صارحاله مقفراً موحشاًبعدأن جرت سيوله نصفها من دماء الابرياء ونصفها الآخر من دموع الثكالى والأرامل واليتامى،فماعاد تُسمع فيه قرع أوتار القيثارة والجيتار،ولا تدق أقدام الصبايا قاعه ومرابعه،فقد ماتت فيه واأسفاه تباريح العشق والهوى. 
 
لم نعد نسمع عن الحالمةأي شيئ فهل بعد أن طال عليهاحلمهانامت مثخنة الجراح؟!!يبدوأنهاقدفعلت بعد أن خانها ثوار الربيع،وتحولوا إلى مجاذيبٍ في يفرس،يوزعون على البلهاءوالضعفاء تمائم الوهم والإفتراء،ويزعمون لهم فيها بأن نشوان قادم نحوهم من قطر،وإن ابن علوان سيأتيهم من أنقرا !!.

مقالات الكاتب