من تجربة شخصية.. صرخات الابنه..طعنات في قلب ووجدان والدها

في ليلة من ليالي العام ٢٠٠٤ رن هاتفي الجوال نوكوي النوع يومها، مظهراً على شاشته مكالمة واردة من والدي، ضللت لبرهة من الوقت أطالع الاتصال قبل أن أرد باستثقال، كان والدي يطالبني بالحضور للمستشفى للوقوف بجانبه حيث سيُجري لإخي الصغير الذي كان يبلغ السابعة عشر من عمره عن عملية جراحية خطيرة.

 

أتذكر وقتها أن ردي وبالرغم من الموافقة إلا أن داخلي كان غير مهتم أو لم أخذ الامور بمحمل الجد في وقت كان يعاني فيه اخي من مرض سرطان القولون الذي خاض معه ووالدي تجربة مريرة استمرت لسنوات أنتهت بوفاته عليه الف رحمه.

 

 أنتهت العملية واستفاق أخي من بنج التخدير كنت وقتها أعبر الممر بتكاسل في طريقي الى غرفة التمديد الخاصة به لالتقي بوالدي الواقف أمامها والعرق يهطل من جبهته بغزارة وعليه بقع من دم اخي، نظر لي بملامح المصدوم بما شاهد اثناء وبعد العملية ليقول لحظتها بصوته الحزين: أتمنى ياولدي أن لا تكون بمكاني في يوما ما وأن لاترى ولدك بهكذا موقف حتي لا تشعر بما أنا فيه الآن، ساعتها كان دري بالقول أمين ولكن بنفس طريقتي المعتاده والتي تشعر من حولها بعدم التأثر وغياب الاحساس والذي كان يغشاه شبابي المجنون وعنفوان مراهقتي الطائشة.

 

 موقف أبي بجانب باب الغرفة وانا معه شخص أمامي في لحظة أستذكاريه مع خروج ابنتي ذي السنتين من غرفة العمليات ومع بداية استفاقتها من البنج وهي بحالة صراخ وحركات لارادية طبيعية لكن لها تأثير كالطعنات على القلب فعلاً، ليتصبب العرق من جبتهي بنفس غزارة هطولها بوالدي ذلك اليوم بالرغم من ان عملية ابنتي لم تكن بخطورة عملية أخي.  

 

يا أبي.. أن الموقف صعب فعلاً كما أخبرتني، لقد شعرت بذلك وعرفت اليوم لماذا لم تعد تريد دخول المستشفيات بعد تلك السنوات التي أمضيتها في مساعيك لعلاج اخي، 

ياأبي... يوم واحد فقط أصابني بشعور هائل من الضيق أكاد لا استطيع وصفه أو تحمله، فكيف تحملت أنت تلك السنوات من العمليات وفترات العلاج الكيماوي وجلساته المتعبة،

ياأبي... لقد عرفت اليوم أنك أعظم أب وأثبت لي أنك أقوى شخص عرفته على الاطلاق، ولست الضعيف الذي كنت اعتقد كلما كنت ترفض الذهاب للمستشفى للزيارة او العلاج.

 

خواطر ومشاعر عدة لا يستطيع قلمي التعبير عنها ولا تستطيع كلماتي وصفها ونقلها للقارئ الكريم، فيومي هذا مر كأنه الف يوم بالرغم من نجاح العملية ولله الحمد. 

 

أخيراً أختم كلماتي هذه بشكر الدكتور علي محمد منصر حلبوب، وهو الدكتور الذي يعد أحد أبرز الشخصيات الطبية في مجال تخصصه بالعاصمة عدن، وأكرر له تقديري لجهوده الجبارة ونجاحه الكبير بما يقدمه من خدمة طبية مميزة نحن في حاجة ضروية لها بوقتنا الحالي.

مقالات الكاتب