العنصرية والوطن البديل.. "لا تقحموا السياسة في الرياضة"

 
شاهدتُ إعلاناً على مواقع التواصل الاجتماعي لناشطين يمنيين - أغلبهم مهاجرون في دول شتى - اجتمعوا في تسجيل مرئي، بإخراج فني مع بعض اللمسات الفنية، الجميع كان يتحدث "عن قضية حقوق الإنسان"، مستدلين بمسلسل "همي همك"، بدعوى أنه كان يعبر عن حقوق الإنسان.
المسلسل الذي بثته قناة تمتلكها مجموعة هائل سعيد أنعم التجارية تضمن إساءة كبيرة لأبناء تهامة وقدمهم في صورة الذليلين والخانعين، وأساء للمرأة التهامية حين جسدها فنان يدعى "محمد الآنسي" من ذمار، فهل كانت "زنبقة" تمثل المرأة التهامية وتعبر عنها؟ وهل كان شخص "شوتر" وتهريجه ونكته (غير المضحكة) تمثل الرجل التهامي؟!
فخلال متابعتي لبعض حلقات المسلسل لم أرَ أي تجسيد لأي قضية إنسانية، غير تقديم صورة مشوهة عن المواطن التهامي المكافح والصبور.
ناشطون وناشطات تركوا اليمن وهاجروا إلى بلدان أوروبية بحثاً عن الأمان والمتاجرة بقضية اسمها "حقوق الإنسان في اليمن".
"حقوق الإنسان" ليس لها أي وجود في صنعاء التي حولها الحوثيون إلى "سجن كبير لكل المعارضين وغير المعارضين"، ولا في إب التي فيها انتهاكات تمس المجتمع اليمني، من زواج القاصرات إلى الزواج تحت تهديد السلاح، إلى الاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري للفتيات.
أما تعز فالوضع أبشع ربما من صنعاء، فهناك مجموعة من المسلحين المحسوبين على فصائل موالية للحكومة ومدعومة من أطراف إقليمية معروفة، تعبث بكل شيء في المدينة، جبايات ونهب وسلب وقتل يحدث بشكل يومي، ومع ذلك لا وجود لقضايا "حقوق الإنسان" أو الحديث عنها، (قضية بيت الحرق أنموذجا).
يعتقد هؤلاء أن الحديث عن حصول انتهاكات في محافظات اليمن الشمالي يمثل عيباً أو إساءة لهم، فلا سبيل إلا غض الطرف عن ما يحصل هناك، وهو ما وفر فرص لتلك الجماعات للاستمرار في العبث والقتل والتنكيل بأهلنا في اليمن الشمالي الشقيق.
سبع سنوات والسعودية تصرف من خزينتها على أمل أن يتم تحرير مدينة أو محافظة يمنية من قبضة الحوثيين، وحصل العكس، كل الدعم السعودي ذهب للحوثيين، وأصبحت الأذرع الإيرانية على مقربة من السيطرة على مركز محافظة مأرب (المعقل الأخير).
هذه المعركة هي معركة السعودية كما يراها الكثير من المهتمين والمتابعين، لذلك السعودية ستفعل المستحيل لكي لا يسيطر عليها الحوثيون.
أما الإخوان فلديهم حروب أخرى في الجنوب، مشغولون بموجة نزوح مهولة صوب عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة، لا مشكلة لديهم طالما هناك وطن بديل، فليذهب الحوثي بوطنهم إلى الجحيم.. والتجارب تقول إن الجنوب كان ولايزال وطنا بديلا لمهاجرين غير شرعيين منذ عهد الإمامة إلى اليوم، والقبيح أن المهاجرين السابقين أصبحوا عقال حارات، يؤكدون أن المهاجرين الجدد من أبناء محافظات الجنوب، وهذه حرب يعتقدون أنها مشروعة لهم للدفاع عن وطنهم البديل، لأن شمال الحوثي لن يقبل بهم.
وهؤلاء المهاجرون (القدامى والجدد) لا يخجلون من الحديث عن مشروعهم "مشروع اليمن"، مستغلين بعض الأصوات الجنوبية من المرتزقة والمتلونين"، مع جزء من يمنهم الكبير لا يمكن يقبل بهم أبداً، كذلك الحال بالوطن البديل.
مسؤول إعلامي سابق في المجلس الانتقالي الجنوبي، قرأت له مساء الإثنين تدوينة على فيس بوك وهو يسخر من هوية الجنوب العربي، وبأن فريق الناشئين (الشباب)، الفائز بكأس بطولة غرب آسيا، يؤكد على الوحدة اليمنية، وأن الرياضة وحدت الجميع، يخاطب الرافضين لمثل هكذا بطولات بأن عليكم عدم إقحام السياسة في الرياضة.. طيب ويمنكم الكبير، تقحمه في كل صغيرة وكبيرة.. ليه؟!
حين تم إعداد منتخب الناشئين كان نائف البكري وأحمد العيسي ينفذان أوامر عليا بضرورة إقامة بطولة (انفصالية) في وادي حضرموت، بعيداً عن أندية عدن الرافضة للعب في دور اتحاد الكرة، ومع ذلك انتزع شباب فحمان أبين البطولة، وعادوا بالكأس تحت رايات الوطن التي رفرفت عالياً.
كمية من السخرية والعبارات العنصرية التي أطلقها البعص "من بينها قرود وفوانيس" وغيرها من العبارات العنصرية التي تسيء حتى للحيوانات، التي يتم تشبيه الجنوبيين بها.
أحيي شجاعة أبناء الجنوب الرافضين للعبارات العنصرية التي أطلقت باسم "الوحدة" و"اليمن الكبير"، وتلك الهتافات والتدوينات التي كان الهدف منها استفزاز الشارع الجنوبي.
لنا في القضية الفلسطينية مثال، مهما كان المحتل يمتلك من جبروت، لكنه يظل ذليلاً أمام أهل الأرض الذين يقولون هذا حقنا، وهذا الكلام ليس عنصرياً، ولو كان عنصرياً لمنع استخدام مصطلح الاستيطان والتوطين غير المشروع، وفي النهاية ينتصر الحق مهما تجبر الباطل.
والله الموفق
#صالح_أبوعوذل

مقالات الكاتب