أمريكا تدافع عن مصالحها فقط

 


لن تدافع إمريكا عن المنطقة بل ستدافع عن مصالحها ، ولن تبني تحالفاً لخدمة إستقرار المنطقة بل لتعزيز وجودها وترسيخ حضورها السياسي العسكري ، لن تغادر مساحة التقارب مع الحوثي إلى مربع الصدام معه ،مالم يكن في ذلك نقلة أُخرى في توسيع مجالات نفوذها وأمنها القومي.

وإذا كان الحوثي في مرحلة ما مصلحة أمريكية لفرض وجود عسكري مستمر في خارطة ومفاصل الإقتصاد والصراع التنافسي الدولي ، فإن هذا الفهم آخذ في التراجع ، وإن ما وفره الحوثي بالأمس من تمدد إمريكي ، يصبح الآن بتغول قوته خطراً يهدد مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة.

الجميع يدرك أن واشنطن ليست جمعية خيرية، ولا منظمة لاهوتية لها أفكارها وقيمها الإنسانية المطلقة ، وبالتالي هي لا تعمل ولا تجيش ولا تخوض الحروب خارج نطاق مصالحها وأمنها القومي ، فإن كان الحوثي في مرحلة ما يتساوق مع السياسة الإمريكية ، فإنه الآن يمثل علامة سالبة يربك إستراتيجيتها  ويرمي في طريقها حفنة مسامير ومطبات إعاقة ،  تصيب خط سيرها بالبطء ويراكم من حولها حُزّم المخاطر.

نعم وفر الحوثي مسوغاً لعسكرة البحر الأحمر ، ووضع واشنطن أساطيلها في المياه الدافئة بصورة أكبر ، ومع ذلك فإن جردة حساب الفوائد والخسائر  الراهنة ، يجعل من هذا الجسم المسلح عقبة واجبة الزوال، ليس بضرورة مصلحة اليمن بل لتشابكه  مع ملفات دولية تبدأ من حروب الطاقة ، وحتى التحالفات الدولية ومن مصالح واشنطن في دول النفط وحتى المعارك في أوكرانيا،  ومن الصراع مع إيران وحتى  الصراع مع موسكو وبكين.

إذا كانت واشنطن لها محاذيرها في عدم توسيع الحرب مع إيران ، فإن الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك هو إضعاف أدوات إيران في المنطقة،  وحرمانها من المزايا الإستراتيجية لموقع اليمن ، بما يمنحه لطهران من تغلغل  في نسيج المنطقة إقتصاداً وسياسةً، وحضوراً ملزماً بقوة السلاح وفعالية الأدوات لا بالمصالح المشتركة .

المقاربة الأمريكية الجديدة الآن  تمضي بخطى أكيدة لإضعاف إيران في اليمن وعموم الجوار ، والخلاص الملِّح من ذراع متعدد المخاطر ، يرمي بظلاله من البر المتاخم للسعودية ، وحتى هيمنتها على المضائق وشريان الإقتصاد وحركة أعالي البحار.

ما هو مفيد للسياسة الأمريكية بالأمس هو عبء  عليها اليوم  وواجب التخفف منه، وصياغة موازين قوى داخلية ، هي قطعاً لغير صالح إيران والحوثي.

صحيح لا شيء معلن رسمياً بشأن دعم عسكري للقوى العسكرية الموكل لها إطاحة الحوثي ، ولكن هناك مايمكن التعويل عليها يجري في الغرف المغلقة ويلوح في الأفق.

 

مقالات الكاتب