كلكم دواعش

كلكم دواعش!
هل تستطيع أن تنام في الليل قرير العين؟ . هذا السؤال وجهه لي أحد الشبان الفرنسيين حين كنت أتأهب لإجراء اتصال مباشر وسط مظاهرة مناهضي مشروع قانون العمل في باريس.
كان ردي عليه: وما الذي يمنعني من النوم مرتاح البال؟.
 
أجاب الشاب الذي كان يستخدم مصطلحات يسارية جميلة: أنتم كذابون، أنتم تخدمون أجندة الرأسمال ومؤسسات الدولة التي تمنعنا من الوصول إلى ميدان ليزانفاليد.
 
على بعد حوالي مائة وخمسين مترا كان عشرات من عناصر مكافحة الشغب يشكلون حاجزا بشريا يحول دون استمرار مسيرة المتظاهرين نحو ذلك الميدان، وكان بين الفينة والأخرى يطلقون سيلا من القنابل المسيلة للدموع.
 
بدأ التوتر يزداد حدة بين وبين الشاب حين بقي أقل من نصف دقيقة يفصلني عن الظهور على الشاشة. فطلبت منه أن يبتعد ويتركني أقوم بواجبي المهني الذي من أجله ضحيت بالنوم، وصبرت على العطش والجوع، واستنشقت خلاله "نسائم" الغاز المسيل للدموع أكثر مما استنشقه هو.
انصرف أخيرا وهو يكيل الشتائم لي ولكل الصحافيين "الذين احترفوا الكذب".
 
قبل ذاك بأربع ساعات كان أحد الكهول يستمع إلي وأنا أنطق كلاما عربيا لم يفهمه أمام الكاميرا، فانتظر إلى أن انتهيت، ثم قال بصوت خافت: أنتم سبب خروجي في هذا اليوم!.
 
فاجأني بهذا التصريح فسألته: كيف ذلك يا مسيو؟.
 
رد بنبرة فيها شيء من الغضب: بالأمس واحد منكم قتل ضابط أمن وزوجته، واليوم نحن نخرج للشارع مرة أخرى لأن واحدة منكم (يقصد مريم الخمري، وزيرة العمل الفرنسية) أعدت مشروع قانون سيحول حياة العمال والموظفين إلى "قرف" دائم. كلكم داعشيون، وإن اختلفت مواقعكم!.
وجدت ان الحديث سيدخلني في متاعة تزيد حلقي جفافا، فاستدرت نحو المصور وقلت له هيا بنا يا عزيزي لنستريح قليلا في الفندق.

مقالات الكاتب