أعمال خيرية تلفزيونية

بالمقربة من بيت سعيد تقطن عائلة بلغ منها الفقر أشده وأصبح البيت الذي تقطنه عبارة عن قطع منفصلة لا يمسكها يبعضها إلا الرحمة الإلهية ويكاد البيت في أي لحظة يسقط على رؤوس أصحابه .


وكان سعيد يشفق على هؤلاء المساكين ويرغب في مساعدتهم ولكن قدرته المالية ضعيفة ولا تسمح له بسداد تكاليف ترميم البيت , حاول مع بعض الأثرياء ولكن كل منهم مد يده في جيبه واخرج مبلغا تافها وتحجج بأنه قد قدم المساعدات لعوائل أخرى وبعضهم نظر إليه بشك وكأنه يطلب المال لنفسه .


في نهاية المطاف رفع خطابا إلى إحدى القنوات التلفزيونية الشهيرة شرح فيه حال تلك العائلة المسكينة لعلها تجد لهم حلا .


فرح سعيد عندما تلقى اتصالا من تلك القناة بعد أيام وتم إعطاءه موعدا للقاء مالك القناة ومديرها وشرح سعيد حال تلك الأسرة فوجد على وجهه أثار التعاطف واستدعى احد المنتجين وطلب منه إعداد حلقة خاصة عن هذه الأسرة وبيتها .


في اليوم التالي شاهد سعيد شاحنات وباصات تقف أمام البيت المذكور وخرج منها عشرات الأشخاص بين مصور ومعد ومقدم و فنيي إضاءة وصوت ومكياج استغرب سعيد هذا الحشد واقترب من الموقع وسلم على المنتج وقال له :


- ماشاء الله لم أتوقع حشدا كهذا لمثل هذا الموضوع 
رد عليه المنتج 
- مالك القناة إنسان طيب ويحب عمل الخير 
قال سعيد 
- بارك الله به وبماله وليس هناك أفضل من عمل الخير ولكن كل هذه التجهيزات أكيد أنها تكلف مبلغا طائلا 
رد المنتج 
- طبعا التكلفة التقديرية لهذه الحلقة هي 30 ألف 
صدم سعيد وقال 
- 30 ألف ؟ من اجل حلقة برنامج ؟ كل تكلفة الترميم هي 20 ألف أي أنكم لو دفعتم كلفة الترميم لهؤلاء الناس لقضيتم حاجتهم ووفرتم 10 ألاف في جيوبكم 
ضحك المنتج وقال 
- لو فعلنا ما تقول فمن أين سنجذب المشاهدين إلى قناتنا ؟ الهدف هو إعطاء صبغة إنسانية للقناة وجذب المشاهدين وبالتالي المعلنين أما إذا جذبت الحلقة متبرعين للأسرة فهذا جيد وإلا فأن هذا الموضوع لا يعنينا العملية كلها كما يقال بيزنس في بيزنس فهمت ؟ و الآن تراجع لو سمحت كي نقوم بعملنا دون مقاطعة .

مقالات الكاتب