مقال لـ صالح ابو عوذل عدن‬ والإرهاب الأصفر

على جنبات شارع المعلا الرئيس تقف مبان عملاقة هي الأقدم في شبه الجزيرة العربية، تعد من أبرز المعالم التي تركها الانجليز لعدن، مبان نالت منها حروب الاشتراكي اليمني والعدوان اليمني الشمالي المتكرر كثيراً، لكنها تقاوم كل عدوان لتخرج منتصرة وان كان انتصارا غير مكتمل.

في وسط شارع المعلا عبر الجنوبيون عن فرحتهم بالانتصار على العدوان اليمني الأخير، بتناول وجبات الفطور التي اعقبها صلاة المغرب ومن ثم الدعاء على أعداء الوطن.

كان الإمام ينادي ربه فيما يردد خلفه جموع المصلين "آمين".

غادر المواطنون الشارع الرئيس بعد ان تناولوا الفطور على مائدة واحدة للتأكيد ان الجنوب "أسرة واحدة".

الشيء الوحيد الذي لم يستطع الاحتلال اليمني ان يغيره في عدن، وهو الوجه الجميل واللوحة الفريدة التي رسمها الجنوبيون يوم السبت في شارع المعلا تلك اللوحة الأخوية التي يتوارثونها منذ زمن.
لن يكتمل نصر عدن وهناك بعض الأقلام الصفراء تنهش فيها من الداخل.. عدن بحاجة لعلاج لجميع الأمراض، هناك إرهاب أصفر يمارس من قبل بعض الدخلاء، الهدف منه التشريع لعدوان ثالث.

الجنوبيون عاطفيون حد السماجة، إلى متى يستمروا في ذلك يا ترى؟.. لماذا لم يتعظ الجنوبيون من المؤامرات السابقة؟

لم أعش تفاصيل اغتيال الرئيس سالمين، ولكن لدي تفاصيل حقيقية لناس عاشوها، قضية اغتيال سالمين وغيرها من القضايا، كان من المفترض ان تكون عبرة للجنوبيين إذا كانوا فعلا يبحثوا عن وطن آمن ومستقر.

قضية سالمين واغتياله، كان من المفترض ان تكون درسا للجنوبيين، لكن للأسف شرب الجنوبيون بعدها مؤامرة 13 يناير1986، واستطاع الأعداء ان يوظفوا تلك المؤامرة على أنها صراع مناطقي.. لكن أهل الجنوب خرجوا منها منتصرين في العام 2006م.

كما لم يتعظ الجنوبيون من حرب العدوان في صيف 1994م، ولا من حرب 2015م، التي تحول فيها الباعة والفراشون إلى قادة فصائل إرهابية تقتل كل من يمر في شوارع عدن.

شهر رمضان الماضي، عاش الجنوبيون في عدن فصولا مرعبة من الإرهاب اليمني الشمالي، ولكن للأسف الشديد.. لم يتعظ أهل الجنوب من ذلك بعد.

زرت مدينة المعلا السبت برفقة الزميل حسين حنشي، وفي الطريق إلى الإفطار الذي اقامته منظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية، سألته ماذا قدمت الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال لعدن؟

اجاب" لا شيء.. خنق الاشتراكي الجنوبيين وحرمهم من بناء بلدهم فأتت الوحدة لتقضي على كل شيء تركته بريطانيا، بالنهب والسلب ومصادر حقوق الناس في عدن".

لست طبيبا، ولكن اعتقد ان الإنسان اذا اصيب بمرض خبيث يسارع لاستئصاله سريعا، وقد يتطلب الأمر قطع بعض اعضاء جسده..

عندنا في الجنوب كشفت لنا حرب العدوان الأخيرة بان جسد الجنوب كان ممتلئاً بالفيروسات الخبيثة التي سرعان ما انتشرت فيه مع أول طلقه للعدوان، في محاولة للقضاء على ما تبقى من صحة الوطن المتعب والذي لم يتشاف من عدوان العام 1994.

تتعرض عدن والجنوب لحملة تحريض تجاوز فيه اصحاب الاقلام الصفراء حد حرية التعبير، لينالوا فيها من كل شيء في عدن، فلم تسلم منه القضايا الاجتماعية ذات الخصوصية إلى التحريض على قتل الناس والتنكيل بهم، واتهامهم بتهم باطلة.

فتارة يتهمون سكان الجنوب بانهم عملاء لإيران، في حين أن إيران لم يهزم مشروعها إلا هم، وأخرى بانهم هجروا اليمنيين من عدن.. لكن في الحقيقة أهل الجنوب هم من شردوا من بلادهم ولازال الكثير منهم يعيش في المنفى بما في ذلك رئيس دولتهم وصاحب مشروع الوحدة مع صنعاء علي سالم البيض.

بطرق ممنهجة تشن الحرب الإعلامية على الجنوب من قبل قوى اليمن الإرهابية المتطرفة، لا شيء فعلوا بهم غير انهم يريدون مواصلة نهب ثروات هذا الشعب وحرمانه من حقه في العيش كبقية شعوب العالم.

لم تكفهم كل تلك الجرائم البشعة التي ارتكبوها بحق هذا الشعب الجار لهم، ولكنهم يحضرون لعدون ثالث، نعم عدوان ثالث يتضح ذلك من خلال حملتهم الإعلامية الممنهجة ضد الجنوب.

إذا كان الحوثيون والمخلوع صالح فشلوا في احتلال الجنوب باسم محاربة داعش والقاعدة، فإن جماعة الإصلاح تريد احتلال الجنوب باسم محاربة المد الإيراني الذي تهم هزيمته في عدن في مثل هذه الأيام من العام الماضي.

 

يخشى الجنوبيون اليوم أن يتم تصفية قيادات الجنوب التي تطالب علانية بالاستقلال، فلا عدو لصنعاء اليوم غير من يطالب بالاستقلال.. فالإصلاحيون يرون المطالبين باستقلال الجنوب اليوم عملاء لإيران، مع أن ايران أتهمت التحالف العربي في أكثر من مرة أنه يسعى لدعم استقلال الجنوب.

وحتى العدوان الحوثي العفاشي شن على الجنوب بحجة الحفاظ على الوحدة اليمنية التي قال المخلوع صالح إن هادي يسعى لإعلان الاستقلال من عدن، خلال لقاء جمعه بقيادة تابعة له من تعز في صنعاء.

لوجه الله يا حكومة عدن، اذا لم تضغطوا على حكومة هادي من أجل وقف الحملة الإعلامية، فعليكم الاستعداد لعدوان ثالث جديد تقوده شرعية الجنرال علي الأحمر، بدعم من الحوثي والمخلوع صالح، فالأطراف الثلاثة لديها مصالح مشتركة في الجنوب، وصاحب الشرعية قد يجعل للطرفين الأخرين شرعية أخرى.. والله من وراء القصد.

مقالات الكاتب