مقال لـ ياسر اليافعي | كيف استفاد الحوثيون وصالح من تحييد البنك المركزي ؟

عقب الانقلاب الذي نفذته مليشيات الحوثي وصالح على سلطة هادي وحكومة الشرعية في صنعاء، وبعد سيطرتها على مقدرات الدولة وتمددها حتى وصلت كل المحافظات بما فيها عدن، كان هناك اتفاق بين قيادة البنك المركزي ووزارة المالية والمليشيات وبإشراف صندوق النقد الدولي لتحييد البنك المركزي، وبالتالي كل الإيرادات تحول إليه وهو يلتزم بدفع الرواتب والميزانيات التشغيلية للمحافظات اليمنية .
طبعاً حصل هذا الاتفاق وكان الحوثي مسيطراً على كل اليمن، ولم تكن هناك محافظات محررة وبالتالي هذا الاتفاق وقتها لا يهم الشرعية كثيراً .
وبما أن الحوثيين وصالح لا عهد لهم، ورفضوا قرار دولي صدر تحت البند السابع، احتالوا على اتفاقية تحييد البنك المركزي وسخروا كل الموارد لصالح العمليات الحربية والعسكرية من جهة، والتضييق على المحافظات المحررة ومحاربتها ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إظهار فشل وعجز التحالف والشرعية عن تحسين الأوضاع في المحافظات المحررة، وللأسف نجحوا إلى حد كبير في ذلك، والواقع اليوم يتحدث في عدن وحضرموت ولحج وأبين والضالع على الأقل .
محافظة مأرب كانت المحافظة الوحيدة التي خالفت الاتفاق وأعلنت استقلال مالي كامل ووقف الإيرادات إلى صنعاء، ولم نسمع وقتها اعتراض من أي مسؤول أو تخويف من أي جهة، بل كان هناك تشجيع لهذه الخطوة من قيادات الشرعية، فعلاً شهدت المحافظة استقراراً مالياً تبعه استقرار الخدمات.
في عدن وبحسب مدير مكتب المالية في العاصمة عدن أثناء المؤتمر الصحفي للمصارحة الذي عقد قبل حوالي شهرين في منزل المحافظ، قال بالحرف الواحد هناك توجيهات بتحويل بعض الحسابات فقط إلى البنك المركزي فرع عدن، باستثناء حساب واحد تم تحذيرنا من تحويله إلى البنك المركزي فرع عدن لأن ذلك يعني استقلال عدن مالياً وهو ما لا تريده الكثير من القوى بما فيها قوى في الشرعية .
الشرعية وكعادتها تفتقر إلى التخطيط الجيد، رضخت للأمر الواقع، ودفع المواطن في المحافظات الجنوبية المحررة الثمن، ووصل الأمر إلى حد الهيانة من خلال وقف الآلاف في طوابير البريد لأسابيع مع أنهم كبار سن ومتقاعدين، وكل ذلك من أجل الحصول على الرواتب من صنعاء.
إيقاف الميزانية التشغيلية عن المحافظات المحررة، وعجز الحكومة من إيجاد البديل، أحرج محافظي المحافظات المحررة، فلا يمكن أن يكون هناك عمل وأداء في ظل عدم وجود سيولة مالية يتمكن من خلالها المحافظين الجدد أداء واجبهم والتزاماتهم تجاه مواطنيهم .
وعلى الرغم من تحرير المحافظات ذات الإيراد الأساسي في اليمن وهي : عدن – حضرموت – شبوة ، إلا أن الحكومة لم تستغل ذلك وتحاول إعادة تصدير النفط وبيع ما هو موجود وتشغيل الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية، في هذه المحافظات الإيرادية وفتح حساب في البنك المركزي فرع عدن المكلا لتحصيل الإيرادات، ليستمر الحوثيون وصالح في تحقيق مكاسب سياسية وعلى الأرض بفضل غباء الشرعية، وسيطرتهم على موارد البنك المركزي الذي تمكنوا من خلاله من شراء ذمم قبائل محيط صنعاء، وعملاء لهم في المحافظات المحررة ليعطيهم مزيداً من القوة والصمود، وفي المقابل ضعف وهوان للشرعية وغضب المواطن عليها .
وعندما صدر قرار من محافظ حضرموت، كالذي صدر من محافظ مأرب، قامت الدنيا ولم تقعد، ووجه وزير المالية في حكومة الشرعية بإلغاء قرارات محافظ حضرموت، في خطوة أثارت استغراب ليس أبناء محافظة حضرموت فقط بل حتى مؤيدي الشرعية في عموم اليمن.
ومن وجهة نظري أن قرار وزير المالية بإلغاء قرار محافظ حضرموت يأتي ضمن تخوف بعض أطراف حكومة الشرعية من استقلال المحافظات الجنوبية مالياً وإدارياً في ظل عدم حسم المعارك في صنعاء، وإلا لماذا مأرب لم يعترض وزير المالية على استقلالها المالي .
كان الأحرى بوزير المالية أن يشيد بخطوة محافظة حضرموت، ويحمله مسؤولية هذه الإيرادات وتنميتها، واكتفاء المحافظة بنفسها وتوفير رواتب الموظفين، لا معارضة القرار وإفشال أول تجربة حتى لتطبيق مخرجات الحوار اليمني .
كان الواجب على وزير المالية، أن يوجه مدراء مكاتب المالية في المحافظات المحررة، بإعداد موازنة تقديرية، تبين حجم الإيرادات والنفقات، والوقوف على حجم العجز، والبحث عن موارد مالية لسداد هذا العجز، بدل الاستسلام للمليشيات ودفعها لتعذيب أبناء المحافظات المحررة بأموالهم وحقوقهم .

 
 

مقالات الكاتب