المناطقية البغيضة، و خوف ابناء عدن من المناطقيين

دعونا نعترف أن بعض الافراد في جنوبنا لديهم أفكار، و هذه الأفكار تنتشر بقوة الفراغ، لا بقوة محتواها.. فبما أن الساحة أمامها خالية من أى منافس أو ربما فى وجود منافس ضعيف، فهى تنتشر لفراغ الساحة أو لضعف المنافس لا لقوتها.

 


و الدول تُبنى من خلال عالم الأفكار... و قوة الدول من قوة الأفكار التى تحملها.. لا بكثرة الأفكار التى تحملها، و أعظم ما فى خطبة الوداع النبوية هو «وضوح الفكرة و قوتها و قابليتها للتنفيذ، حيث قال (صلّ الله عليه وسلم): «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى».

ما قاله رسول الله هو التقوى الشرعية، هو علاقتك بربك .. هذا هو معيار تميزك، تميزك ليس بعرق او بلون او بقبيلة.

 

دعونا نتحدث و بكل صراحة، إذا اردنا لدولتنا الجنوبية القادمة ان تنجح، فعلينا الغاء المناطقية من جذورها، بدليل ان كل ابناء المحافظات يأتون الى عدن للعمل و يتفاخرون بالقاب قبائلهم، متناسيين ان هذه المنافسات فيما بينهم، تضر بالوطن، أكثر من ان تفيده، و اكبر دليل على ذلك ان حرب 1968 كانت بالبطاقة..!!

 

أننا نحترم مبدأ «الانتماء للقبيلة» و تعزيز هذا الرباط الكبير الذي يجمع بني الأسرة الواحدة، إلاّ أننا نقف على التعصب المذموم لها بشكل أصبح يدخل في جميع تفاصيل الحياة، و يتقاطع مع القيم الأخلاقية و مع تعاملاتنا وتقييمنا لكل من نخالطهم.

 

ندرك ان القبيلة كانت و لا تزال في الجنوب هي جوهر البنية الاجتماعية في الحياة الريفية، و لمّا انشأنا دولتنا قسمنا محافظاتها الى قبائل، اي انها وحدت بذلك كل التقسيمات القديمة و السلطنات و المشيخات ، حيث اعادت التقسيم إلى ست محافظات مقسمة إلى مديريات ، كالتالي ( الاولى عدن “عاصمة الدولة ” – الثانية لحج – الثالثة أبين – الرابعة شبوة – الخامسة حضرموت – السادسة المهرة ) .

 

وتشمل كل محافظة العديد من النواحي ” المديريات ”، يعني في كل محافظة قبيلة، و هذا تقسيم جبان من السلطة حينها الذي استطاعت ان تنهي السلطنات و المشيخات، و لم تقترب من القبيلة، و لكنها من وجهة نظري كان تسمية المحافظات بالارقام فكرة ذكية للإبتعاد من تأثير اسم القبائل على المحافظات .

 

لهذا رأينا منذ 1967 الى 1978 كانت تسمى كالاتي:
المحافظة الأولى و المحافظة الثانية، و المحافظة الثالثة و حتى السادسة.


و للأسف استبدلها الحزب الاشتراكي في 1979 بأسماء عربية كالتالي : محافظة عدن ، محافظة لحج ، محافظة أبين ، محافظة شبوة ، محافظة حضرموت ، محافظة المهرة ، و قد ألحق الضالع بمحافظة لحج ، كما ألحقت بيحان بشبوة ، والعوالق بأبين ، و أحيوا النعرة القبلية من جديد.

 

أنا هنا لا أدين القبيلة و لا أطمح إلى بقائها، و إنما أحاول أن أعيد التفكير في الظرف الاجتماعي في بقائها على الوضع الذي هي عليه، و لذلك فتغيير الشروط الاجتماعية كفيل بتغيير الكثير من البنية داخل المجتمع، و باعتقادي أن التعصب سوف يبقى متى ما بقيت ذات الشروط لبقاء القبيلة بالشكل الذي هي عليه الآن، والآثار التي خلقها التعصب أكثر من أن نمر عليها؛ لكن لعل أوضحها و آخرها هي التدمير على المستوى الأسري، حيث التفريق بين رجل و زوجته بسبب عدم التكافؤ في النسب، فكيف بالمستويات الأعلى!!".

 

لهذا يجب ان نعترف ان الوطن هو الشعار الذي ينبغي ان تذوب من خلاله كل نزعة قبلية متسلطة.


لهذا يجب علينا من الآن تثقيف انفسنا و تهيئتها الى عودة اسماء محافظاتنا الى ارقام، مع عمل بعض التغييرات في ديموغرافية المحافظات، و ان لا تعكس المحافظات الانتماء القبلي.


كذلك على من تسمى بإسم قبيلته و خاصة في الفترة الأخيرة، ان يعود الى اسم ابيه و جدة خير و ابرك.

 

بهذا نكون قد قطعنا نصف الطريق للتخلص من المناطقية البغيضة.

 

و صدقوني دولة جنوبية جديدة بدون مناطقية ستكون عنوان للنجاح و التنافس بين اهل الوطن الواحد في خير الوطن الجديد

مقالات الكاتب