الحلم الكبير بحاجة الى همم كبيرة

صرنا مشبعين بالفراغ السياسي حتى بتنا كالمتضور جوعآ يتراىء الأشياء مزدوجة وغير ثابتة ... فسكرات الجوع جعلته يترنح  .

 

استغرب كيف لهذا الجنوب كل تلك المساحة وكل ذلك الموروث السياسي المتراكم والتجارب المؤلمة والعبر التاريخية خلال مراحلة المختلفة كواقع سياسي ورقعة جغرافيا ذات حدود سياسية وسيادية كانت تخصه كدولة ... كل هذا ويزيد  .. وها نحن نقف حائرون أو متخوفون من القرار ... أو من سيصدر القرار ... أو كيف يتخذ القرار .

 

وكأننا لم نتعلم الدروس ... أو كأننا قد فاتتنا الدروس ... ف 25 عام أعتقد أنها كافية لاستلهام كل مامضى من انتكاسات وتحطيم وتشوية  .

 

25 عام كانت كافية لتدمير وطن بأكمله وتمزيق الفريقين إلى فرق متعددة ... وكان يظن التافه انه بذلك يكون صانعآ للوحدة ... بينما في حقيقة الأمر التي يدركها في سريرته انه مستعد أن يجعل ضباع السلطة والحاشية وكلاب القبيلة والمقربون تنهش في جسد كل اليمن  ... شماله وجنوبه  .

 

الفرق فقط أن جسد الشمال بات لاتؤلمه أنياب وقواطع الضباع والكلاب ... فالانياب مغروسة فيه منذ 1000 عام فصار ذلك الجزء مخدرآ لايستشعر الوجع .

 

بينما الجنوب ... ظلت جروحه نازفة طرية ... وشعب مذهول من هول الصدمة وخيبة الآمل بما كانوا يحلمون به من مستقبل هم أنفسهم سعوا إلية وقدموا في سبيلة دولة وعاصمة وعلم وعملة  ... والنتيجة كانت خارج صندوق كل الأمنيات ... هنا كان الجسد يتألم ويصرخ مع كل ناب كلب تغرس فيه .. كان ينزف بلا توقف مع كل قاطع ضبع تنهش في لحمة ... كان يحب أن يظل متألمآ على أن يدخل في غيبوبة ليستفيق بعد 1000 عام ليجد انه قد تخدر عن الإحساس .

 

ومع كل ماسبق .. ومع كل ماسبق الذي سبق .. مازلنا جنوبآ نستمتع بالتنظير والنظريات وقد تحدث ضجة وضجيج إلا أننا لانتمتع بروح التنازل للآخر أو الانتقال إلى مربعات أخرى تتطلبها المرحلة .

 

يبدو أنها عادة قديمة تربينا عليها حينما كنا ندرس مادة الفلسفة  ...بينما الضباع والكلاب وسيدهم برغم اختلاف أصوات نباحهم ونبرة توحشهم إلا أنهم لايختلفون على أنه مهما وصل بينهم مدى الخلاف ... فأن معركتهم مع بعضهم لن يكون فيها عض  ... بل هي مجرد ملامسات في الأيدي ... لأن الأنياب والقواطع يجب أن تظل مغروسة في الجسد  ... ويجب أن يظل الجسد مشغول بجروح الأنياب والقواطع .

 

الجنوب بحاجة ماسة إلى عمل سياسي جبار وليس بالضرورة أن يكون ذلك العمل ضد العالم كله ليتولى قضية نضال دون رؤية سياسية .. بل من الممكن جدآ ان يكون عمل سياسي جنوبي يختص بحمل القضية بكامل تفاصيلها ..

مقالات الكاتب