مقال لـ سعاد علوي(#المكلا_حكاية_عشق )

هي المكلا .. لا ادري من أين تكونت لدي تلك الفكرة الظالمة عن المكلا رغم أنني لم أزرها قط في حياتي قبل هذه المرة .. كنت أخالها مظلمة وعابسة متكبرة متغطرسة رغم ذلك راكدة .

 

 لكن ما أن وطئت قدمي ترابها حتى شعرت بحرارة حبها وكأنها طفل صغير يشد طرف ثوبي كي ألتفت لأرى أجمل ابتسامة لأجمل مشاعر وانبلجت أساريرها بمقدمنا هللت فرحة من عتبات مدخل بروم والساحل الطويل الممتد على طول طريقنا من داخل الغالية الحزينة عدن والمظلومة أبين .. لتقول لنا أرحب بكم وبمقدمكم .

 

 هلِّموا إلى المدينة التي تغسل أقدامها كل صباح في مياه البحر العربي وتمسح وجهها بقطر ندى مياهه المتبخرة في سمائها .. وتنام الليل على هدهدة موسيقى أمواجه الناعمة المنسابة تتابع بعضها بمرح الصغار لينتهي بها المطاف أن تضع خدها على كف ساحل المكلا الممتد الجميل .

 

في المكلا كل حجر فيها ريحة عشق كبير هكذا تشعر القادم إليها فهي مدينة لا ترحب بمن يزورها بل تعشقه من أول نظرة ولا يملك هو غير أن يبادلها العشق بالعشق .

 

 وأهلها الكرام لهم وجوه إكتسبت سمرتها من لون جبالها وخيوط شمسها الساطعة ويملكون روحاً مغرمة بكل ضيف يقدم إليهم .. لم نشعر معهم بالغربة أو ببعدنا عن بيوتنا كانت بيوت المكلا كلها بيوتنا أليسوا أهلها أهلنا ؟

 

وخورها ذلك الممتد وسطها برشاقة يتخايل بين المباني العالية بدلال ويتلوى بمشيه ذات اليمين وذات الشمال ومياهه البراقة المنسابة برقة حوت كل فنون الجمال .

 

وفي آخرها يقف شامخاً على صخرة جبل .. القادم من عمق التاريخ الحصن القديم حصن الغويزي المعلم التاريخي جزء من تاريخ وهوية هذا الشعب .

 

من هنا من حضرموت المكلا والساحل يستمد الجنوب هويته الأصيلة من منبع الحضارة والعلوم والأخلاق الراقية من هنا تميز الإنسان الجنوبي العربي على غيره , فلا تصغوا للأصوات المنشزة عن طمس الهوية فهويتنا منحوتة في صخور الجبال وعبق التاريخ المرسوم على أحجارها والصخور المتناثرة في كل مكان تخبر القادم إليها أن الإنسان هنا من بدء الخليقة وحتى يوم القيامة جنوبي عربي .

 

وفي الطريق إلى مدينة أخرى من مدن الساحل تتناثر هنا وهناك وعلى جانبي الطريق بعض البيوت الطينية القديمة تقابلك وهي تنشر في الهواء رائحة وعبق تاريخ حضارة كانت قائمة بقوة على هذه الأرض تدرك ذلك وأنت تشتم بأنفك رائحة بقايا وأطلال مباني تحاول السنين أن تدثرها لكنها تأبى إلا أن تحكي لكل زائر عن وجودها وقوتها وغناها وهي متطلعة إلى المستقبل الزاهر .

 

على جانبيها تنتشر زراعة بعض المحاصيل منها التمباك الذي تشتهر به .

 

وصلنا إلى غيل باوزير وعرّجنا على المدرسة الوسطى التي تأسست في العام 1944 وفيها تعلم الكثير من القيادات والشخصيات الكبيرة التي كان لها دور وتأثير كبير في الحياة السياسية والإجتماعية والاقتصادية في الجنوب وفيها يكمن معرض العادات والتقاليد الذي يحتوي على الأدوات القديمة التي إستخدمها الأجداد من سلاح وأواني منزلية وغيرها في غرفة من غرف الأحلام أخذتنا معها في رحلة رائعة إلى زمن جميل تتمنى أن تعود منه ولو لحظات لتعيشها .

 

وقفنا أمام ذلك المبنى القديم ننتظر حارسه العجوز كي يأتي ويفتح لنا بابه الخشبي القديم .. الذي ما أن فتحه هيأ لي أنني اسمع أصوات التلاميذ في الساحة الواسعة وهم يقفون صفوفا لتحية العلم .

 

 وعلى جدرانها تنتشر جداريات عبارة عن قوائم دفعات الخريجين وأسماءهم مدونة فيها بشكل يشعرك بالهيبة لشكل ومنهج وأسلوب التعليم القديم ومدى التنظيم والترتيب الجميل .

 

 تركنا غيل باوزير ومزارعها المنبسطة على جانبي الطريق لتتجه بنا المركبة إلى مدينة المحبة والعشق إلى سعاد الشحر سوف اروي لكم عنها في مقال قادم حيث الحديث عنها يطول ويطول .

سعاد علوي

21/1/2017

مقالات الكاتب