مقال لـ مريم عرجون(يوم أحبتني فيه الأمم المتحدة)

يوم جديد يعبر إلى ميناء هامبروغ دخلت إليه فوجدت القاعة بها إجتماع فجلست أنتظر خارجا إلى أن ينتهوا من حديثهم. غير أن عين المعجب كانت أقوى من أذنه. فخرج إلي يسألني و يحاورني. بعدما أمضيت ساعة بداخله و حصولي على المعلومات.

 

 تركت المسجد الإيراني المذهب الشيعي، غير أن الإيراني لم يتركني رجل في منتصف الأربعينات يقول أسره الشعر الأسود، أخرج البطاقة و عرض ممتلكاته و وسامته و هو ينتظر مني إتصال ليأخذني لبيت الزوجية و أصر على توصيلي إلى فندقي.

 و بعد صمت الشفاه الواضح و نفاذ الصبر و مغادرة اللطف تقاسيم وجهي طلبت منه الإنصراف أعطاني رقمه و هو ينتظر الإتصال مني أكملت طريقي و دخلت إلى أحد المحلات، صاحبها تركي. ترك الزبائن و أهمل حديثه مع صديقه. كنت بدوري أسأل عن شيء، بعيد عن البضاعة، فأنا غريبة هنا و بعد الإستفسار و مرور قرابة ربع ساعة على وجودي في المحل. كان أيضا شابا في أواخر الثلاثين و مر بما مر به من فشل عاطفي، أعطاني رقمه و بقي ينتظر الإتصال و تركت محل التركي العلوي.

 

أكملت طريقي تحت الأشجار و بين المنازل الفخمة، و مررت بنادي و نادى عليا شاب وسيم و صاحب مزاج عالي و قال بصوت مرتفع: سؤال لو سمحتي؟

إلتفتت و قلت : تفضل.

هو: هل أجد عند حضرتك سيجارة؟

أنا : لا

هو : ولاعة؟

أنا : لا.. لا أدخن

هو: رقم هاتفك؟..

ابتسمت : لا... و طاب يومك

غادرت و تركت المعجب الألماني خلفي، و هو يردد على مسامعي رقم هاتفه لعل و عسى.

 

و أكملت طريقي و دخلت فيه إلى مطعم. تناولت ما قسمه الله لي و أردت دفع الحساب. الحساب مدفوع من صاحب المحل. فللطيفات حسابات أخرى. تركت المحل خلفي بعد محاولاتي الفاشلة بدفع أي شيء.

 

و بعد تحقيق الهدف من الرحلة ذهبت إلى القطار في منتصف الليل و جلست مقصورتي و قلت أخيرا إنتهى اليوم المخضرم لكن قبل مغادرة القطار بدقائق دخل خلفي رجل أخر. كان معجب منتصف الليل. رجل أنيق و صاحب سلسلة مطاعم باكستاني. و الليلة هي من أسعد ليالي حياته لمرافقته هذه العيون السوداء بمفرده في المقطورة إنتهت الرحلة و وصلت في الخامسة صباحا إلى بيتنا في الريف الألماني.

في الصباح أفرغت الحقيبة من محتوياتها.

 

بطاقة الإيراني بطاقة التركي بطاقة الباكستاني و ترددات أرقام الألماني و مغازلات السوري و المصري و الأفغاني و الروسي في أذني. وقلت هذه لم تعد حقيبة و إنما تجمع الأمم المتحدة.

مقالات الكاتب