اسرة الفقيد الميسري تستقبل واجب العزاء بعدن
استقبل محمد الميسري، رئيس قسم المشتريات بديوان وزارة العدل، اليوم واجب العزاء في وفاة والده نائب مدي...
في فترة الاستعمار البريطاني والذي دام قرابة 129 عام فارضا سياسته الاستعمارية على عدن لم يغفل المستعمر البغيض عن حق المجتمع المحتل من قبله في التعليم وإن كان قد قيد مساحته أحيانا الا انه وبكل صراحة وفر نوعية ممتازة وراقية من التعليم بمستوياته المتنوعة واتاح المجال للراغبين بالتعليم الابتدائي والمتوسط لعموم فئات الشعب رغم شحة الإمكانيات لدى الأهالي الا أن ذلك لم يمنع الفقراء والوافدين الى عدن من إلحاق أبنائهم بالمدارس التابعة للمستعمرات أو المدارس الأهلية التي أنشأها أهل الخير من أبناء البلد وأحيط التعليم آنذاك بعناية اجتماعية كبيرة فكان نتيجة تلك العناية مخرجات تعليمية راقية تناظر مثيلاتها في الدول المتقدمة من حيث الثقافة والإبداع العلمي والمعرفي وبعد خروج المستعمر البريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967 م .
استلمت الدولة الوليدة قاعدة أساسية وبنية تحتية تعليمية وتربوية راقية ستساعدها في النهوض بالدولة والارتقاء بها نحو مصاف الدول المتقدمة وبالفعل أثمرت السياسة العامة للدولة في التعليم قفزة نوعية تمثلت في ارتفاع مستوى التعليم ونوعيته مابين التعليم قبل سن المدرسة والتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي والفني والمهني والتقني الجامعي والأكاديمي ومحو الأمية وسجلت اليمن الديمقراطية حينها رقما دوليا مرتفعا بين صفوف الدول المتقدمة في مكافحة الأمية ونجاحات ملموسة في برنامج تعليم الكبار والمناطق النائية عبر مدارس البدو الرحل ومحو الأمية وتعليم الكبار , وبعد العام 1990 م وسياسة الدمج بين الدولتين تضرر التعليم بمستوياته بسبب سياسة الدمج تلك وادخل برنامج تسييس التعليم في عدن والمدن الجنوبية وبدأت الأضرار الجسيمة على التعليم تظهر في غياب السياسة العامة للدولة في التعليم وحل محلها التعليم البرامجي والمنهجي الخاص بالفئات والجماعات والكيانات وهو ضمن مشروع تسييس التعليم ففتحت المدارس الحزبية والفئوية والبرنامجية التابعة للجهات والهيئات الداخلية والخارجية فانحدر مستوى التعليم واختفت نهائيا مخرجات التعليم العام الموحد في الدولة.
فكان هذا الطالب من مخرجات المدرسة وذاك من مخرجات الهيئة وآخر من مخرجات الجماعة وصرفت الشهادات بدلا من الشهادة العامة فانتشرت الأفكار وانقسم المجتمع سياسيا بدْا من المدرسة والثانوية والجامعة وحل محل السياسة التعليمية التعليم المسيس فالطابور الصباحي ومظهره السياسي يختلف بنوعية المدرسة والغرض من سياسة التعليم فيها فتلاشت تدريجيا الراية والوطن والنشيد والقسم واستبدل بالهتاف والصرخة والتكبير والتقبيل فصارت نماذج التعليم تظهر في الزي السياسي للتعليم من طالب لآخر وطالبة لأخرى فكل الرايات ارتفعت وكل الشعارات رددت وكل الهتافات والصرخات والتشنجات سمح بها وتم تداولها في هذه المدرسة وتلك الا في المدرسة الحكومية التابعة للدولة المفقودة فقد غابت ملامح السياسة التعليمية لها واختلطت التوجهات التعليمية فيها واحتار المعلم قبل الطالب في تصنيف السياسة العامة للدولة في التعليم وأين تجدها لا وطن ولا راية ولا شعار ولا نشيد ولا هيبة ولا حضور ولا انتماء للوطن الأم فضاعت الوطنية بين أحضان الولاءات حتى عند الأطفال الذين يتفاخرون بنوعية التعليم ومستواه والقيمة المادية المدفوعة من قبل الأسرة إن كانت ثرية أو متوسطة وظهر التعليم الطبقي والانتقائي.
وهاهي مخرجاته يخجل حاملها من الفحص والتدقيق في نتائجها شفهيا وتحريريا في المنزل والشارع والمجتمع المحلي والخارجي وهذه العملية مستمرة رغم قباحتها لم تجد من يحد من انتشار وبائها ولن تجد الا بالعودة الى الأصل والارتباط التاريخي بالحقيقة لا الوهم نحن بحاجة الى السياسة التعليمية للدولة الموجودة وليس التعليم المسيس للدولة المفقودة ولن يأتي لنا ذلك الابعد ان نجد الدولة الحرة الصريحة الواضحة المعالم التي ترى بالعين المجردة ثم بعد ذلك نرسم السياسة العامة للتعليم فيها بشفافية ووضوح وبفخر وكبرياء وشموخ وانتماء للوطن الحقيقي المؤمنين به وبانتمائنا له بكل شجاعة انه دولة الجنوب وليس غيرها دولة حرة مستقلة عزيزة مشرفة نتعلم فيها القيم والمثل العليا ونعود الى مجدنا وعزنا ونصحح أخطائنا بعيدا عن المتاهة والجري خلف المجهول والوهم والضياع ثلاثة عقود من التعليم المستمر بالتدهور أمام الكفاءات والخبرات والقدرات والمهارات للمنتمين لغير الوطن الباحثين عن وطن مفقود مسروق بيد عصابات تنتهك قدراتهم العقلية وتستغفل مستوياتهم العلمية الأكاديمية تسترخصها وتستحقر حامليها وتجبرهم على الخضوع والخنوع والذل وتنكس تاج العلم الذي يحملونه بواقع الشهادات العلمية تحت هيمنة الجهل والاستقواء السياسي في التعليم المسيس.
وليس ذلك الا في الجنوب واهانة الجنوب فهل نستفيق ونرفع رؤوسنا نريد دولتنا وتعليمنا وعلمنا بسياسة تعليمية لدولتنا ولانقبل تعليم مسيس من دولة مجهولة الهوية لم تسمى بعد وننتظر لساعة مولدها وماذا سيطلق عليها من اسم سنبقى نتعلم ونعلم أبنائنا الوطنية قبل حصولنا على الوطن ونعلمهم التمني قبل شعورنا بالانتماء الى هنا وكفى نريد وطن حقيقي نتعلم فيه