إمبراطورية صالح الإعلامية

حكم صالح اليمن لمدة 33 عاماً ، مرت هذه الفترة وتنازل صالح عن كرسي الحكم كما يقول ، وتم خلعه كما يقول خصومه ، وسأكون منصفاً في حديثي عن هذا الرجل ، صالح الألعوبان الكبير المنتبه دائماً وأبداً وهذا ما توحي به حركاته الثعلبية ، تنبه لخصومه فقربهم منه فجعلهم تحت ناظريه ، فأدنى منه شيخ مشايخ اليمن الأحمر الكبير شيخ الرئيس الذي قال يوماً من الأيام عن صالح إنه جني ، فقال مقولته المشهورة ( جني تعرفه خير من أنسي لا تعرفه ) ولم تجاف مقولة الشيخ حقيقة صالح ، فصالح جني سكني آمنا بالله ، فلقد أصبح صالح رئيس الشيخ كما كان الأحمر شيخ الرئيس ، واحدة بواحدة ، وبهذا أمن الرئيس شر الشيخ فكون الرئيس إمبراطوريته المشيخية ، وشرع الرئيس في بناء قاعدته العسكرية فشكل الحرس الجمهوري ليأمن مكر الأحمر الآخر محسن فأغدق على حرسه ورمى بالفتات للفرقة فتعاظمت إمبراطورية الرئيس العسكرية .

 

 وأراد الأمان أكثر فتحالف مع التجار فكانت أسهمه في كل مكان حتى كوّن له إمبراطورية مالية لا يُشق لها غبار ، ومن خلالها شكل أمبراطوريته الإعلامية وهي الإمبراطورية التي فاقت كل أمبراطورياته الأخرى ، فبالإعلام قضى الرئيس على كل خصومه القبليين والعسكريين فتحول من رئيس إلى زعيم وبروزه الإعلام في صورة الرئيس ، فعندما تشاهد صالح تظنه الرئيس حتى أن إحدى الإعلاميات اعتزلت الأخبار وقالت إنها لا تستطيع أن تذكر كلمة الرئيس ولا تذكر بعدها علي عبدالله صالح .

 

لقد لمّع الإعلام الرئيس حتى أحببناه فصار شعارنا ( ما لنا إلا علي ) فبالإعلام سطع نجم صالح بين الزعماء العرب فلُقِبَ بفارس العرب ، وعلم صالح أنه دائم الحضور أمام الإعلام فاعتنى بهندامه فاحتل مركزاً متقدماً بين أشيك زعماء العالم ، حتى جلسته منضبطة أمام الإعلام ، لقد وزع صالح أبواقه في مختلف دول العالم للدفاع عنه وبروزه وتلميعه وهذا ما يفتقر إليه خلفه هادي الذي لم يعتن بالإعلام ، فحورب هادي إعلامياً .

 

إن أعظم أمبراطورية بناها صالح هي الإعلام فبالإعلام كسب حب الناس حتى أدمنا رؤيته وسماع خطاباته ، وأصبحنا نتمنى رؤيته وسماع كلامه ، هذا هو الإعلام الذي اهتم به صالح فنفعه في اليوم الأسود .

 

لقد عمل صالح على لعب الأدوار بين إعلامية البارعين فتارة يُظهر لنا الجندي وأخرى يأتي لنا بالصوفي ومحمد منصور قائم بواجبه على أكمل وجه ، ومازلنا نسمع عن أخبار صالح وزياراته للمولات والدكاكين وربما نراه غداً في المطاحن والجولات ، وهادي لا نراه إلا كما نرى أية قائد عسكري حتى أن المخلافي ( صورني ) أكثر ظهور من رئيسه .

 

لقد علم صالح بخبرته أن الجيوش يهزمها الإعلام فاعتنى بالإعلام ليزرع الرعب في نفوس أعدائه وبالفعل هذا ما يحصل اليوم فقد أصبحنا نخاف أن يخرج صالح وجيوشه من بين ذرات رغيف الخبز الذي نأكله ، فتحية صالح وياليتك اعتنيت بالجنوب وشعبه ، لكان الحال غير الحال .

 

 

مقالات الكاتب