شيخوخة مبكرة

كانت الساعة تشير الى العاشرة إلا ربع من مساء الاثنين عند تناولي لوجبة العشاء انكسر نصف ضرسي (خرج نصف وبقى نصف) دون سابق انذار انكسر ضرسي الذي اسندني وساعدني في مضغ الطعام لأكثر من عقدين من الزمن رحل دون كلمة وداع ترك خلفه ألما لايوصف وكأنه يريد إخباري بأن لكل شيء نهاية ولكل أجلا كتاب .
لا اعلم السبب الحقيقي وراء سقوط أجزاء من اسناني بين الفينة والأخرى أكان بسبب الأوضاع المأساوية التي تمر بها هذه البلاد التعيسة ؟ اكان بسبب سوء التغذية ؟ اكان بسبب عامل نفسي ؟ اكان بسبب قلة النوم لعدم توفر الكهرباء ؟ احتمالات كثيرة لكن دون اجابة .وفي حالة بقائي لعامين أخرين بهذه البلاد قد افقد باقي أسناني وسأصاب بشيخوخة مبكرة .
هذا الضرس هو الثاني الذي ينكسر نصفه ويبقى نصفه الأخر مع قلع ضرس العقل سيقول البعض لماذا لاتذهب لطبيب أسنان ؟ سبب كل مااعانيه اليوم كان خلفه طبيب أسنان لجأت اليه بسبب ألم بسيط قبل سنوات طويلة قام بحفر عدد من الأسنان بحجة تصفيتهم قبل التسوس وهذا ما اثر علي لاحقا، حيث ذهبت قبل الحرب لطبيب أخر ليعالج أسناني دفعت حينها أموالا طائلة ولكن للأسف كانت حلول ترقيعية وليست جذرية لألم الاسنان .
 للأسف أصبحت مهنة الطب تجارة ومجال للكسب الغير مشروع (إلا من رحم ربي) في ظل غياب تام لرقابة الدولة ما ادى الى وفاة عشرات المواطنين بسبب أخطاء طبية فادحة لاترتكب إلا نادرا في الدول المتقدمة.
 و أصبح الطبيب كالتاجر ينتظر زبونه ليقوم بتحميله فوق طاقته بعدد من الأدوية والفحوصات الطبية بحجة معاناته من مرض ما (قد لايكون مصاب بهذا المرض) وهذه الأدوية قد تتسبب بمضاعفات .
أصبت بسن المراهقة إصابة بليغة في ظهري قد تكون تسببت بإنزلاق غضروفي او شبه إنزلاق أقعدني الفراش لبرهة من الزمن وتسببت بالألم لايتحملها بشر منذ أكثر من عقد لم انام مثل الإنسان السوي، زرت عدد من الأطباء المختصين ودفعت اموالا طائلة ولكن وللأسف دون جدوى لم يتمكن أحدهم حتى اللحظة من إكتشاف ما أعاني منه او قدم لي وصفت علاج ناجحة ادت الى شفائي كل أدويتهم كانت مجرد مهدئات اول ما انتهي من فترة شربها تعود الألم أسوء من ذي قبل لم أعد أثق  بأطباء هذا البلد وتوقفت منذ فترة عن مراجعة الاطباء او تلقي العلاج وأصبحت أشعر مع مرور كل يوم بأنني أشيخ ولكن لعلى الله يكتب الأجر للسنوات التي صبرت فيها وقضيتها في اليمن .
نعيش في بلاد أقل مايقال عنها منكوبة أصبحت كل احلامنا ان نحصل على الغذاء والدواء والماء والكهرباء أشغلونا بفسافس الأمور ليتمكنوا من نهب أكبر قدر من الثروات ، قبل أسابيع قال لي صديق عزيز مقيم في دولة غربية بأنه من غير المنطقي ان يعيش شاب مثلي ذو طموح بهذه البلاد المنكوبة ، اشاطره الرأي فلا زلت أثق بأن ربي سيجعل لي ذات يوم مخرجا من هذا النفق المظلم.
اه كم أتمنى أن يقوم أحدهم بصفعي على وجهي ويقول أصحى لقد مر 28 عاما من عمرك منذ دخولك بهذه الغيبوبة أصحى من هذا الكابوس انت لست يمني انت لست في اليمن .
#بندغريكذب

مقالات الكاتب