كيف وصلنا إلى بن عڤون؟!

لما تحدثت الصحافة قبيل الرئاسيات الماضية، بأن المخابرات لم يعد لها دور في تعيين المسؤولين، وبعدها تمت إعادة هيكلة المؤسسة بإبعاد الرجل الذي كان يقال عنه إنه الأقوى في هرم السلطة، سعدنا للخبر. فكثيرا ما صنعت هذه المؤسسة رجالا ونساء لا تتوفر فيهم الكفاءات. صنعت رجال أعمال بالمال العام وبالجهوية، وضباطا لا شهادة لهم في ملفاتهم غير شهادة الميلاد. وكثيرا ما كسرت رجالا ونساء أكفاء، لكن أبدا في وقتهم لم تنزل الدولة إلى هذا المستوى. ولم يصعد إلى المناصب لصوص وبلطجية. في وقتهم ما كان لرجل حكم عليه في قضايا خطيرة وسجن أن يعود من الباب الواسع، وما كان لشخص مثل شكيب خليل - المتهم إلى أن تثبت براءته - أن يساوم الجمهورية على المنصب ويتجرأ ويقول إنه سيقبل بشروط. في زمن أهل العقد والحل، كان لمنصب الوزير هيبته رغم بعض الفاسدين. أبدا ما كانوا يسمحون لشخص مثل عمارة بن يونس أن يضحك على الوزير الأول أو رئيس الجمهورية ويورطهما في خيارات هو يدري أنها الأسوأ لغاية في نفس يعقوب، حتى وإن كانوا هم من صنعوا بن يونس ونسخا كثيرة منه، نسخا قادت البلاد إلى هذا المستوى من الرداءة.

 

لكن المسؤولية تقع على عاتق من وافق على هذا الاختيار أيضا، إذا كان تعيين إطار في أية وزارة حتى لو كان رئيس مكتب، يخضع لشروط، أولها أن يكون حاملا لشهادة عليا، وخبرة لا تقل عن خمس سنوات في سلك المتصرفين الإداريين إضافة إلى صحيفة السوابق العدلية، فكيف يقبل بتعيين مرشح لمنصب الوزير لم يسبق له أن اشتغل في حياته، ويكتفي بترشيحه من قبل جهات حتى لو كان لا يتوفر على أدنى الشهادات؟

 

ماذا عساه يفعل الوزير الأول في هذا الخراب مهما كانت خبرته وصرامته في التسيير؟

 

”يد واحدة ما تصفق”، يقول المثل فبعد أن استبشرنا خيرا في تعيينه لوجوه شابة في الحكومة، انفجرت في وجهنا الحقيقة، وفضيحة تعيين وزير وإبعاده في أقل من 48 ساعة، أضرت كثيرا بالطاقم الحكومي الجديد وعصفت ببعض الآمال المعلقة على الحكومة لاجتياز الأزمة التي تواجهها البلاد .

 

وما أكثرهم ”بن عڤون” في دواليب السلطة؟

هل بقي شيء من الأمل، إذا كانت أحزاب معتمدة من الدولة عبارة عن عصابات، مشكلة من بلطجية وفاسدين مثل هذا الذي كان بكلمة منه يغلق أبواب الجامعة، ويساوم الأساتذة أو تلك المرشحة للنيابة التي ضبطت أياما قبل الانتخابات في وضع مخل بالحياء وقائمة الوضاعة والانحطاط تطول وتطول!

مقالات الكاتب