فلسفة .. في عذب الكلام !!

على حافة النهر تم اللقاء، فثم تم البوح بكل ما لدى الطرفين من أسراراً يحمل كل منهما لﻵخر، بعد لوعة وأشتياق، من البُعد والفراق، و طول الأنتظار.

 

بعد نظرة من على بعد مسافات قصار، وكان حينها في الصباح الباكر و قبل أن تنطلق العصافير من أعشاشها، والنحل من مساكنها،باحثتاً عن أرزاقها.

 

ومع ذلك فقد كان الجو في ذلك اليوم شديد البرودة، و مرصع بالضباب،

صباحاً،جميلاً، يتنفس بنسمات باردة، وزخات مطر هادئه.

 

حيث أن الأشتياق في تلك اللحظة حطم الخجل،

أندفع أحدهم نحو الآخر بلا تردد،

وبادر بإلغاء تحية الإسلام أولاً، ومن ثم مد يده للصفاح ولكن لم تأتي تلك الخطوة إلا على أستحياء،حيث وبادر الآخر بالرد فوراً،

 

بما أن هذا الأندفاع أسهم بشكل كبير في أفتتاح الحديث.

 

تم البدء في تبادل الحديث،

وكان حينها الجو ملبد بالغيوم فتتساقط قطرات المطر ، ومع كل قطرة ! تتدفق المشاعر، وتنبثق الأحاسيس،

 

حيث و إن النهر يحيط به بستانآ كبيراً، ولا يصدر أي صوتاً من ذلك المكان سواء خرير الماء و زغزدت العصافير،

فكان للمسامع حُسناً لﻷستماع، حينما تسمع العصافير تشدو مغنيتاً، على أغصان الأشجار و تحت قطرات المطر،

 

ومع زخات المطر، وبدء العصافير بالحركة والتنقل من شجرة إلى أخرى،

كان للنفس شأناً آخر حينما تفوح رياحين الأزهار نرجسياً التي قد تسلب الألباب في مكنونها،

 

كانت لحظات جميلة، يستمتع بها الطرفين بسبب ذلك اللقاء الذي أنتظراه فترة طويلة والذي يعد هو الأول،

 

أحاديث،

ومماويل من الحديث العذب، تنبثق من الأعماق على هيئة أطياف،لتسكن في الأعماق الأخرى،

تبادل الطرفين الحديث وباح كلاً للآخر عما يجيش في داخله، وكم هو صعباً الفراق بعد تلك اللحظة، وكيف مرت الفترات السابقة دون لقاء،

أستمر الحديث فترة طويلة، وكأنها لم تمر سواء ثوان،

كان الجو حينها يشتد برودتاً، لأن أشعة الشمس وحرارتها لم تظهر بعد.

كيف لا وقد أختفت الشمس في ذلك اليوم قبل أن تظهر تحت أسراب من السحب المتراكمة،

 

وبعد المعرفة بإن الوقت قد تجاوز حده وهم قاعدان أنطلقا ليواصلان حديثهما،

وهما يسيران بين الأشجار وتحت زخات المطر،

فكم هو جميلاً ذلك اليوم، وذلك الصباح وتلك اللحظات بالذات،

 

لقاء بعد فراق،

على حافة الأنهار، وتحت أوراق الأشجار، وسقوط على جسيدهما قطرات الأمطار، وتقلب أبصارهما بين الورد والأزهار،

 

حديثاً ليس أي حديث أو أخباراً،بل حديثاً نابعاً من الوجدان، إلى الوجدان،

 

قطع العاشقان مسافة طويلة،بين الأشجار وقريباً من النهر،

والجو لا يزال كما كان، تكاد أطرافهم تتثلج،من شدة البرودة،

لم يحس الأثنان بتعب أو ملل، رغم المسافة التي قطعها ،بل أقترابهما من بعض زادهما نشاطاً وعزيمتاً.

 

ومع هذا الجو الجميل، والخُطئ بين الأشجار،

والأصوات الرخيمة التي تصدر من دواخل الأشجار،

وأستنشاقاً، أجمل الروائح التي تفوح من الأزهار،

وتبادل أحاديثاً هي أجمل مافي الغزل تنقال،

يتمنى العاشقان، لو يظلان دهراً على هذا الحال،

ولكن ماذا لو كان الأفتراق في تلك اللحظة لا محال،

أستسلما لﻷفتراق ودموعهما على خديهما تنسال،،

 

فعندما جاءت لحظة الأفتراق التي يستودع العاشقان بعضهما، بعد أن قضوا ربع يوماً معاً، يتبادلان أعذب الكلام،وأجمل العبارات،

أنكسرت الخواطر،،وذبلت الجفون،وألتهبت المشاعر،،

وتمنى لو يعود بهما الوقت إلى الوراء ولو لدقائق،،

 

فتصافحا مودعين لبعض ، بعكس صفاح اللقاء الذي بادروه بالإبتسامة،وبادروا بعدها الحديث،أفتتحت الأيادي بعد أن ظلت متماسكة لدقائق،

أستدار كل منهما عن الآخر وجهه، وكان الصمت في تلك اللحظة سيد الموقف، أستدارا ضهريهما عن بعض،

دون النطق بكلمة واحدة، لكونهما عجزان عن الكلام، وأن تلك القطرات التي تسيل على خديهما هو أبلغ الكلام في التعبير الذي يحكي بإن الكلم قد تحجر في حناياهما،

 

ففيضي أيها المغل وأسكبي مأستطعتي من دموع،،

فالكلم أنقطع،والحبر جف،ليس لي للتعبير غير الدموع،،

 

 

أنطلق كل منهم إلى جهته المعلومة، وبين كل خطوة وآخرى يلتفت كل منهما نحو الآخر،

 

ضاع كل منهما عن الآخر بين الأشجار بسبب كثافتها، وزيادة هطول المطر،

 

''أفترق الأثنان''

ولكن قلبيهما معاً لم تفترق بعد .ولم تفترق سواء جسديهما، كلاً يحمل الآخر في مخيلته،بكلماته،بحركاته،وبنبرة صوته،

 

وهكذا عاش،ويعيش العاشقان،لحظاتهما،،

متأملان بلقاء آخر، كذلك اللقاء الذي جمعهما في ذلك اليوم،،

ولكن مايفكران به هو كيفية يتم اللقاء مره أخرة،

 

 

وعندما تحلق الحليلة وهي محملة بسحب كثيفة، معلنه سرد المفردات والمصطلحات ، ونثر الأحرف الكليمات،

وصب مزون العبارات والمرادفات،

فتيقن حينها أن ليس لﻷمر من واقع وإنما هو ما حملته تلك السحب،

لتفرق ما عليها من أحمال ثقال،،،

 

مقالات الكاتب