رحيل الشيخ عبد الله سالم الرماح .. تكتمل أضلاع مثلث الحزن في غرفة عدن

نهار الثلاثاء 18 يوليو 2017م رأيت أمنا عدن وهي تبكي بحرقة وإلى جانبها ابنتها الغرفة التجارية الصناعية عدن التي أضناها الحزن وجلست صامتة إلى جانب أمها (عدن) فباشرتها الحديث:

يا سين عليك يا أمنا عدن التي خصك بالذكر الحسن أقدم كتاب سماوي (التوراة) في سفر "حزقيال"، وخصك بالذكر الحسن الإغريق والرومان والرحالة الصينيون، ولا ننسى ما قاله الرحالة العربي ابن بطوطة (1304/1377م) عندما قال عنك: "أهل عدن .. أهل دين وتواضع وصلاح ومكارم أخلاق.. يحسنون الى الغريب ويؤثرون الفقير ويعطون حق الله من الزكاة على ما يجب...".

سألتها :ما يبكيك أمنا الرؤومة؟ قالت: ألا ترى ابنتي غرفة عدن وقد أضناها الحزن ؟ نعم أضناها الحزن على رحيل أبنائها الكبار بعيدا عنها وهم من علية القوم..  هذا ابنها الأكبر محمد عمر بامشموس يرحل في جدة يوم الأحد 13 أغسطس 2016م وهذا ابنها الثالث صالح سالم باثواب يرحل عنها في العاصمة الأردنية عمان يوم السبت 18 فبراير 2017م وهذا ابنها الثاني عبد الله سالم الرماح يرحل عنها في صنعاء يوم الثلاثاء 18يوليو 2017م .. أليس من حقها كأم أن تلقي نظرة الوداع على ولدها وهو يرحل عنها .. يا ولدي .. لم تعرف غرفة عدن أحزانا كالتي تراها هذه الأيام منذ ولادتها في 26 أغسطس 1886م (وستحتفل بعد شهر ونيف بإطفاء 131 شمعة من عمرها)..

يا ولدي .. هذا ابن ابنتي (غرفة عدن) الشيخ عبد الله سالم الرماح من مواليد البيضاء يوم 28 سبتمبر 1933م وانتقل إلى (عدن) ليغادرني بعد ذلك مع عمه بحرا إلى السودان وعاش هناك في كنف خاله الشيخ محمد سالم الرماح، وكيل شركة ميركاتايل وميتشل كوتس، وغادر الشيخ عبد الله الرماح السودان بمؤهل بسيط من مدارس كامبوني والتحق بعدن بإعمال والده الشيخ سالم صالح الرماح، والذي كان وكيلا للمغتربين وكان يستورد المواد الغذائية وهو نفس خط صديقه وقريبه الشيخ عبد الله القربي (والد محمد وأبو بكر القربي) وعملا مع بعض في مجال التجارة.

التحق الشيخ عبدالله الرماح في مطلع خمسينات القرن الماضي بأمانة ميناء عدن Aden Port Trust التي سكنت وجدان الناس في عدن باسم "البوتريس" وكان من زملائه عبده علي سعيد ميوني وخالد أحمد خليل (أبو وليد) وفضل علي عبد الله، إلا أنه وفق في الجمع بين العمل الرسمي وممارسة التجارة حتى فك ارتباطه بالوظيفة عام 1968م ودخل دائرة الضوء كرجل أعمال وعين عضو في أول مجلس إدارة لغرفة عدن بعد الاستقلال وأصبح أيضا عضوا في مجلس أمناء ميناء عدن ..

بعد حرب صيف 1994م آلت غرفة عدن  إلى القطاع الخاص بالكامل ليصبح الشيخ محمد عمر بامشموس رئيسا لمجلس إدارة الغرفة فيما أصبح الشيخ عبد الله سالم الرماح نائبا أول لرئيس مجلس إدارة الغرفة وشكل مع صديقه وزميله محمد عمر بامشموس ثنايا دخلا التاريخ من أوسع الأبواب فقد حضرا أول اجتماع لغرفة التجارة الإسلامية عام 1997م في أندونيسيا وعقدا اتفاقية توأمة مع غرفة شانغهاي الصينية في نفس العام..

بقدر ما دخل الشيخ الرماح التاريخ ضمن قيادة غرفة عدن إلا أنه بالإضافة لذلك كان عضوا في مجلس إدارة بنك التضامن الإسلامي ونائبا لرئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية لتفريغ وتعبئة الحبوب بميناء المعلا وعضو مجلس إدارة الشركة اليمنية لصناعة الشباشب المطاطية.

 ويحسب للشيخ الرماح الحضور القوي ضمن غرفة عدن في عدة مناشط اقتصادية منها المؤتمرات الخمسة لغرفة عدن..

أبناؤه:  1- نبيل (مهندس نفطي) 2- أحمد، مقيم في الولايات المتحدة وكان طيارا ثم حولوه إلى عمل أرضي بعد أحداث سبتمبر 2001م، 3- صلاح، في الولايات المتحدة ويعمل في هندسة السيارات، 4- رشدي، كان طيارا في القطرية، ورجل أعمال مقيم في فرنسا، 5- جمال ، و6- جلال يساعدان والدهما في أعمال التجارية.. وله أربع بنات ..

ودعت أمنا عدن وواسيت ابنتها غرفة عدن وتمنيت لهما الخير كل الخير،  سائل المولى أن يرفع عنهما أعمال الويل المفتعلة والمسيئة لهذه المدينة التي كان جزاؤها "جزاء سنمار".. وإن بعد العسر يسرا يا عدن وابنتها البارة غرفة عدن.

مقالات الكاتب