مقال لـ حدة حزام (عن جريمة تادمايت!)

سيقولون إنه قضاء وقدر وما قدر الله فعل، تعليقا على ”مقتل” سيدة تادمايت التي وافتها المنية عالقة في الطريق وهي متجهة إلى المركز الصحي لتصفية الكلى، بسبب غلق الطريق من طرف محتجين من حي فوضوي للمطالبة بترحيلهم من سكناتهم الهشة إلى سكنات جديدة. أليست هذه جريمة من المفروض أن القانون يعاقب عليها المتسببين في تعريض حياة إنسان إلى الخطر وعدم نجدة شخص في خطر؟

 

أم أننا نتحدث عن حقوق الإنسان، وعن التقصير في المراكز الصحية وتعريض صحة الناس وحياتهم إلى الخطر فقط لمّا يكون الخطأ صادر عن الجهات الرسمية؟

 

ما حدث لهذه السبعينية بسبب قطع الطريق هو جريمة كاملة الأركان، تقع مسؤوليتها على من كانوا سببا في قطع الطريق، يحاسب عليها من دعوا إلى الانتفاضة، لتكون عبرة لغيرهم، فإن كان الاحتجاج والتظاهر حق مكفول للمواطنين دستوريا، فإن الحفاظ على حياة الناس هي أكبر حق. وما فعله المنتفضون ليس أبدا تعبيرا حضاريا بل   هو همجية حقيقية، وكان عليهم أن يفسحوا الطريق أمام سيارات الإسعاف أو المركبات التي تنقل المرضى الأطفال والنساء، حتى درجة الحرارة المرتفعة هذه الأيام كانت ستؤدي إلى مقتل آخرين عالقين في الطريق.

 

المؤسف أننا أفرغنا كل شيء من محتواه، وجعلنا من حقوقنا الديمقراطية، تصرفات همجية تضر بالمواطنين، في حين أنها وضعت لتسهيل حياتهم وتحسينها، ألم يؤدي مقتل صحفيين في احتجاجات 14 جوان 2001 إلى منع التظاهر بالعاصمة، وكانت فرصة استغلتها الحكومة لحرماننا من وسيلة تعبير ديمقراطية، ما زلنا ندفع ثمنها إلى اليوم؟ 

 

من أيام أدت وفاة سيدة حامل وجنينها في الجلفة إلى موجة سخط عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لأن المستشفيات والمراكز الصحية رفضت استقبالها وطالبوا بمعاقبة المتسببين، ما أدى برئاسة الجمهورية إلى فتح تحقيق لمعرفة المتسببين في المأساة، فحتى جريمة تادمايت هي الأخرى لا تقل شناعة عن جريمة الجلفة، ولابد من أن يتوقف الاستهتار بحياة الناس.

 

ثم إلى متى نبقى نحن الدولة الوحيدة التي تمنح السكن لمن يستحق ومن لا يستحق، فكل الفاشلين في حياتهم ودراستهم ومن لم يقدموا شيئا للبلاد، فالحون في المطالبة بما يدّعون أنها حقوقهم، ولا أحد طالبهم بأداء أدنى واجباتهم؟ 

مقالات الكاتب