قضية حداد.. لتكن العدالة هي الحكم!

لا أدري مدى صحة ما يقوله رجل الأعمال علي حداد والذي قال إنه تعرض إلى حملة عداء وتشويه غير مسبوقة طالته وطالت مجمعه، وهو يعني بهذا الحملة التي شنها رئيس الحكومة على الفساد وعلى المشاريع الوهمية التي أنهكت المال العام ودمرت الاقتصاد الوطني.

هل كان الرجل يقول مثل هذا الكلام لو لم يتكئ على كتف شقيق الرئيس الذي أرسل من مقبرة العالية رسالة إلى من يهمه الأمر، وهو أنه يقف إلى جنب علي حداد في محنته مثلما يقف إلى جنبه في جنازة الراحل رضا مالك، وهما يضحكان ملء شفاههما؟

قد يكون الصبي المدلل على حق، أو على الأقل في كلامه جزء من الحقيقة، لكن الموقف كان سيكون مختلفا لو أن أمر التحقيق في الفضائح المالية أسند إلى عدالة مستقلة يكون فيها القاضي حرا لا يأتمر بأوامر، ويتخذ فيها النائب العام زمام مبادرة التحقيق في الفضائح الاقتصادية أو أية جريمة أخرى تتعرض لها وسائل الإعلام وتكون تشغل الرأي العام، فكم من القضايا والفضائح التي أثيرت إعلاميا لكنها انطفأت لأن العدالة بقيت تلتزم دور المتفرج، لأنها لم تتلق الأوامر للبت فيها. فالحرب على الفساد ستتحول إلى ما يشبه تصفية حسابات إذا لم تستند إلى العدالة للفصل فيها وفق القانون والقانون وحده.

ثم هل كان الوزير الأول عبد المجيد تبون سيخطئ خطأ كهذا مثلما يدعي، ويقوم بما قام به لو لم يكن متأكدا مما تحت يديه من ملفات؟ فللرجل خبرة بضعة عقود في تسيير الشأن العام، ويشهد له بمن عمل إلى جنبه سواء في وزارة الثقافة أو في مؤسسات أخرى بالكفاءة وبمعرفته العميقة للملفات ولكل القضايا التي تهم البلاد السياسية منها والاقتصادية بحكم أنه تدرج في مناصب وعمل واليا في عدة ولايات ويعرف كل كبيرة وصغيرة في دواليب الحكم؟ هل كان سيباشر الحرب على الفساد لو لم يتلق الضوء الآخر من صديقه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تربطه به صداقة متينة وقديمة قبل أن يكون رئيسا؟

لا أظن أن تبون بهذا الغباء ليفعل هذا لو لم يكن يمسك بين يديه ملفات مؤسسة، فماذا حدث منذ صورة العالية التي نقلت القهقهات العالية؟

سؤال يجب طرحه، لكن الإجابة عنه صعبة، ما دام مصدر القرار ضبابي في هذا الظرف الصعب الذي تجتازه البلاد!

على العدالة أن تنفض الغبار عن نفسها وعن ملفاتها، وعلى القضاة أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية الآن، وأن يكونوا هم الفاصل في هذا الصراع أو بالأحرى في الحرب على الفساد!

مقالات الكاتب