لقاء تاربة.. والمثبطون!

ما أن يجتمع الحضارم، أو يتداعوا إلى لقاء عام، لبحث شؤونهم ومسارات مستقبلهم،  أو وقفة لتدارس أوضاعهم وما أصاب حياتهم من ضرر وخطوب حتى تتحرك  "الأدوات" ، وتخرج "الحيات" من جحورها نافثة السموم .. مثبطة ، ومسفهة حينا .. مقللة ، و مشيطنة هذا المسعى حينا آخر  .. ولم يستثن محفل أو مجمع أو مؤتمر حضرمي من هذا  الأذي والرشق اللفظي .. في المقابل لا نسمع حتى "همهمة " في حالة أن ساد الوهن والسكون ، أو اشتدت المظالم والتجبر .. بيد أن عامة الناس  أصبح لديهم محصنات وموانع من هذه "السفاسف" التي لا تقدم ولا تأخر ، وكأن هذه اللاعيب صارت مكشوفة لديهم أو  "دقة قديمة" - على قولة أخوتنا المصريين -  ليس لها أثر أو تأثير .. اجتمع الحضارم مجددا  - مرجعيات دينية  وشيوخ قبائل وأعيان ووجهاء وقيادات مجتمع وشخصيات عامة ورجال فكر وسياسة - في لقاء موسع مهيب  في تاربة بوادي حضرموت استجابة لدعوة حلف حضرموت تداعو له من كل حدب وصوب من مناطق ومديريات الساحل والوادي والصحراء  ليس لأجل شخص أو جهة أو قبيلة أو حزب إنما لكي يتدارسوا أمرهم وسبل الحفاظ على أمنهم ويبحثوا عن مخارج لما آل إليه وضعهم الأمني من تردي وانفلات ومحن ومآسي ..


لقد أصاب أهل حضرموت جميعا خلال العقدين الماضيين  صدمات مدوية وأحداث مؤلمة تمثلت في القتل الذي استهدف  خيرة الناس من علماء وشيوخ قبائل وقيادات أمن وضباط وجنود ورجال افذاذ وشباب ميامين من غير ذنب يذكر ، ناهيك عن الاختطافات  والسرقات والاعتداءات التي  طالت المواطنين وممتلكاتهم دون أن يكون لذلك عقاب ولا رادع  ، أو ضبط من أجهزة حماية الشرعية والقانون ، وأوغل المجرمون في جرائمهم مستغلين الفراغ الأمني وضعف أداء  الأجهزة المعنية بحفظ الأمن  وعجزها عن السيطرة الحقيقية وفاعليتها الكاملة ، وإلا لما حدثت وتحدث كل  هذه المصائب والمنكرات أمام الأعين وفي الأسواق ومتارس النقاط العسكرية  جهارا وفي وضح النهار  ..

وإزاء هذا المسلسل الأليم لم يستكين الرجال الصادقون , ففي فترات مختلفة انبثقت دعوات مجتمعية من رحم المعاناة ، وحمل حلف حضرموت وقياداته  زمام المبادرة  لرفع  هذا الجور والظلم ، وطرح هذا الملف المتشظي على كل الجهات المسؤولة قبل وبعد الهبة الشعبية العظيمة ، واتت بادرة حلف حضرموت الأخيرة ودعوته  إلى وقفة "تاربة" السلمية  التاريخية مواصلة لهذا الدور والموقف الأصيل ..

لاشك أن الجميع  يدرك حجم الأخطار  التي تحيط بحضرموت  وإنسانها ؛ والتحديات  الماثلة ليست بخافية على أحد ،  ولا تحتاج إلى الحماسة  أو "قربعة تنك" في مواقع التواصل الاجتماعي ، بقدر ما تحتاج  إلى الحكمة والتكامل الذي يؤدي إلى تفكيك هذه الحزم المعقدة والخروج من هذا النفق المظلم ، والتكامل الذي نقصده هو مشاركة الجميع دون استثناء وتحمل المسؤوليات لخدمة حضرموت أولا ، والتعاون والتلاحم بين أبنائها بشرائحهم ومكوناتهم كافة ، والكف عن جلد الذات وبث الأحقاد والضغائن والنعرات الجاهلية التي يغديها أولئك الذين  لا يريدون لحضرموت وأهلها خيرا ولا أمنا ولا سلاما..

مقالات الكاتب