الرئيس الزُبيدي يستقبل السفير الإسباني لدى بلادنا
استقبل الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القياد...
كان أحد كبار متصوّف الإسلام يحتضر، عندما سأله تلميذ من تلاميذته "من كان معلمك أيها المعلم؟.." أجاب:
"بل قل المئات من المعلّمين. وإذا كان لي أن أسمّيهم جميعا، فسوف يستغرق ذلك شهورا عدة، وربما سنوات، وينتهي بي الأمر إلى نسيان بعضهم".
ـ لكن ألم يكن لبعضهم تأثير فيك أكبر من تأثير الأخرين؟..
استغرق المتصوف في تفكير دقيقة كاملة، ثم قال: "ثلاثة في الواقع، تعلمت منهم أمورا على جانب كبير من الأهمية..
أولهم كان لصاً. فقد حدث يوماً أنني تهت في الصحراء، ولم أتمكن من الوصول إلى البيت إلاّ في ساعة متأخرة جداً من الليل. وكنت قد أودعت جاري مفتاح البيت، ولم أملك الشجاعة لإيقاظه في تلك الساعة. وفي النهاية، صادفت رجلاً طلبت مساعدته، ففتح لي قفل الباب بلمح البصر. أثار الأمر إعجابي الشديد، ورجوته أن يعلمني كيف فعل ذلك، فأخبرني بأنه يعتاش من سرقة الناس. لكنني كنت شديد الإمتنان له، فدعوته إلى المبيت في منزلي. مكث عندي شهراً واحداً.
كان يخرج كل ليلة، وهو يقول "سأذهب إلى العمل. أما أنت فداوم على التأمّل، وأكثر من الصلاة. وكنت دائما أسأله عندما يعود، عمّا إذا كان قد غنم شيئاً. فكان جوابه على الدوام، واحداً لا يتغير "لم أوفق في اغتنام شيء هذا المساء. لكنني إن شاء الله سأعاود المحاولة في الغد". كان رجلا سعيداً. لم أره يوما يستسلم لليأس جراّء عودته صفر اليدين.
من بعدها، خلال القسم الأكبر من حياتي، عندما كنت استغرق في التأمل يوما بعد يوم، من دون أن يحدث أي شيء، ومن دون أن أحقّق اتصالي بالله، كنت أستعيد كلمات ذلك اللص "لم أوفق بشيء هذا المساء، لكنني إن شاء الله سأعاود المحاولة في الغد"، كان ذلك يمنحني القوة على المتابعة.
ـ ومن كان المعلم الثاني؟..
ـ كان كلباً، فقد حدث أن كنت متوجها إلى النهر لأشرب قليلا من الماء، عندما ظهر هذا الكلب. كان عطشاّ أيضاً. لكنه عندما اقترب من حافة النهر، شاهد كلباً آخر فيه، ولم يكن هذا غير انعكاس لصورته في الماء.
دب الفزع في الكلب، فتراجع إلى الوراء وراح ينبح. بذل ما في وسعه ليبعد الكلب الآخر، لكن شيئا من هذا لم يحدث بالطبع. وفي النهاية، قرر الكلب، وقد غلبه الظمأ الشديد أن يواجه الوضع، فألقى بنفسه في النهر. وكان أن اختفت الصورة هذه المرة.
توقف المتصوف قليلا ثم تابع :
ـ أخيرا كان معلمي الثالث ولداً. فقد حدث أن رأيته يسير في اتجاه الجامع، حاملا شمعة بيده، فبادرته بالسؤال، هل أضأت هذه الشمعة بنفسك؟ فردّ علي الصبي بالإيجاب. ولما كان يقلقني أن يلعب الأولاد بالنار، تابعت بإلحاح، اسمع يا صبي "في لحظة من اللحظات كانت هذه الشمعة مطفأة. أتستطيع أن تخبرني من أين جاءت النار التي تشعلها؟.
ضحك الصبي، وأطفأ الشمعة، ثم ردّ يسألني "وأنت يا سيدي، أتستطيع أن تخبرني إلى أين ذهبت النار التي كانت مشتعلة هنا؟.
أدركت حينها كم كنت غبيا. من ذا الذي يشعل نار الحكمة؟ وإلى أين تذهب؟ أدركت أن الإنسان، على مثال تلك الشمعة، يحمل في قلبه النار المقدسة للحظات معينة، لكنه لا يعرف إطلاقا أين أشعلت. وبدأت، منذ ذلك الحين أسّر بمشاعري وأفكاري إلى كل ما يحيط بي.. إلى السُّحب والأشجار والأنهار والغابات، إلى الرجال والنساء. كان لي طوال حياتي، الآلاف من المعلمين. وبت أثق بـأن النار سوف تتوهج عندما أحتاج إليها. كنت تلميذ الحياة، ومازلت تلميذها. لقد استقيت المعرفة وتعلمت من الأشياء أكثر بساطة.. من أشياء غير متوقعة.. مثل الحكايات التي يرويها الآباء والأمهات لأولادهم.
من رواية باولوا كويلوا