بين التيليطون وصندوق التضامن!

ألا تعلم النائب عن جبهة المستقبل، الشابة، لما اقترحت على الوزير الأول تنظيم تيليطون لحل الأزمة المالية التي تواجهها البلاد، أن هذا ما فعلته حرائر الجزائر بعد الاستقلال، عندما خلعن حليّهن، حتى أقراط آذانهن - مع أن الجزائرية تتشاءم لنزع الأقراط - ووضعت كل واحدة أغلى ما تملك في صندوق التضامن لبناء الجزائر المستقلة، وحرمت الكثيرات منهن أسرهن من ذلك المال حبا في الجزائر وإيمانا منهن بأن الجزائر المستقلة ستكون أفضل بأبنائها الذين انتزعوا من فرنسا استقلالها وحرروا شعبها؟


ألا تعلم أن حلي صندوق التضامن وأمواله، لا يعرف أحد وجهتها، بل كانت سبب الفتنة بين من كنا نرى فيهم رموزا، ربما يكونون اقتسموها فيما بينهم، مثلما ترويه ألسنة السوء، لكن للأمانة اللصوص كانوا يقفون على طول الطريق الذي سلكتها التبرعات، وليس فقط في القمة، وأذكر هنا قصة حقيقية لقريبة لي كان زوجها يمتلك مجموعة من الحافلات، تنقل المسافرين في الظاهر، والأسلحة والمؤونة والدواء لفائدة المجاهدين سريا، قدمت قريبتي هذه ”زوج خلخال” من الذهب الخالص لصندوق التبرع، ومن كانت وقتها تكسب الخلخال في ذلك الزمن الصعب، قامت بواجبها فرحة مسرورة، ونسيت أمر الخلخال، لكنها فوجئت مرة لما ذهبت إلى الحمام العمومي، بزوجة المناضل الذي كان يجمع التبرعات، ترتدي خلخالها، ولم تفكر كثيرا قبل أن تنهال عليها ضربا وتفتك منها الخلخال وتحولت القضية إلى فضيحة يرويها الجميع في البيوت والمقاهي، ليكتشف سكان بلدتي مبكرا أين ذهبت حليّ النساء أو على الأقل نسبة منها؟


إذا كانت هذه هي العينة التي ستبحث الحلول لأزمة من أصعب الأزمات التي عرفتها البلاد حسب ما بشر به ذلك الوزير الأول، فمن الأحسن حل البرلمان، وتوفير رواتب نزلائه التي تثقل كاهل الخزينة، فالبلاد بحاجة لأفكار نساء ورجال قادرين على مواجهة المخاطر، ليس فقط في البرلمان بل في كل المؤسسات، وإن كانت هذه النصيحة متأخرة جدا، أمام كل التبذير الذي أهدر المال على مؤسسات لم تقدم شيئا ولم تساهم في إيجاد نظام اقتصادي يسمح للبلاد بالخروج من عنق الزجاجة منذ سنوات الاستقلال الأولى.


ثم من أين أتت كل تلك الأموال المتداولة في بورصة حديقة بور سعيد، البورصة الحقيقية التي يقصدها الخاص والعام، وتم الحفاظ عليها وإنعاشها للغرض؟ من أين خرجت كل هذه الكميات من العملة الصعبة؟ أليس من واجب الوزير الأول إيجاد طريقة لإدخالها البنك لحل شيء من الأزمة، قبل أن تهرب هي الأخرى إلى حسابات في الخارج؟
الأزمة تتطلب رجالا ونساء يمتلكون من الشجاعة والذكاء لمنع حدوثها أولا ومن ثم التفكير في حلول بـ”الكي والجراحة” مثل هذه التي يقترحها الوزير الأول مرغما!

مقالات الكاتب