لم أكن أتصور أن يأتي عليَّ يومٌ من الأيام وأشارك فيه في إذلال إخواني وآبائي، فما أقساني عندما أقف حجر عثرة في طريق عجوز أو معاق أو مجنون يأتي ابنه ويقف في طوابير الإهانة الطويلة ولأيام عديدة هي أيام الذل، فيأتي وعندما نتحقق من أبيه المعاق أوالشايب أو المجنون نغمل بشروط المنظمة، فنطلب منه تحرير شكوى لمنظمة الذل فيأبى إلا أن يأتي بأبيه، فيأتي مربطاً بسلاسل حديدية هي أهون من قيود منظمات الذل التي وضعتها لتذل شعباً أذله حكامه .
عملت في هذه المنظمة ورأيت مآسي الزمن وآهات العجزة وسقطات العالم على أبواب تسليم ملاليم لاتسمن ولا تغني من جوع رأيت المجانين والمعاقين، فعدت إلى بيتي ولعنت نهرو ويعقوب وأحمد رائد وعبير ورضوان القباطي وفيدل ثم فكرت قليلاً وعلمت أن هؤلاء مساكين لا يملكون من الأمر شيئاً، فلعنت صالح والحوثي وبن دغر والزبيدي وكل العصابات السياسية، ثم فكرت وعلمت أن الأمر أكبر من هذه الدمى، فسياسة تركيع الشعوب هي سياسات خارجية .
فخلال عملي رأيت وعلمت وتعلمت كيف يهان الإنسان، وحوش بشرية تأكل بعضها بعضاً رمت المنظمات طعماً وعملت شروطاً تعجيزية لالتهامه عنوانها أذلوا الشعب المسكين، فالمعاق لابد من حضوره والمجنون لابد من حضوره ليتسلى العالم المتحضر لمناظر العجزة وهم يتدافعون على بوابات الإهانة، عجوز تسقط ومجنون يضحك بصوت عالٍ بين الجموع ومسكينة تبكي لعدم مقدرتها على الوصول، يااااه ما أقسى يعقوب المسكين عندما يؤكد على حضور المجنون والعاجز، وماأقسى من اختارنا لنطبق كل قوانينهم بحذافيرها.
لقد أبكينا العجزة وكتبنا لهم على صفحات القهر شكاوى ووعدناهم بحلها مع الحبوبة منظمة اليونيسيف، وعدنا لمنازلنا وبكينا على تقصيرنا مع أبناء جلدتنا آبائنا وأجدادنا وكباراتنا، يااااااه ما أقسى من عرقل تسهيل وصول المعونات لأهلها ما أقساه ما أقساه ما أقساه !!!
وبعد هذا العقوق لآبائنا، هل ستفيق المنظمات والعاملين عليها لتسهيل وتيسير عملية الصرف، فمعذرة نهرو وأنت يا يعقوب وكذلك رضوان وعبير وأحمد وفيدل فتطبيقكم لشروط المنظمة لا يقل عن حكم إعدام باطل لهذا الشعب، فهل ستستمر العملية الجراحية لاستئصال المعاقين والعجزة من اليمن؟
فشروطكم قاهرة ، وحكمكم على هؤلاء باطل باطل باطل ...