دسترة حقوق المرأة العربية ما بين الواقع والتحديات

لقد شهدت المجتمعات العربية والمصرية تحديداً في السنوات القليلة الماضية تصاعداً مضطرداً في خطاب المرأة واستحقاقاتها جراء ضغوطات المنظمات الدولية على مؤسسات السلطة الوطنية والحكومات بضرورة تمكين النساء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالرغم من التقدم النسبي في أوضاع النساء المصريات على كافة المستويات التعليمية والصحية مقارنة بعهود سابقة ، إلا أن قراءات معمقة لخصوصية الواقع والتحديات التي ترافق مسيرتها ، تفيد خلاف ذلك ،خاصة وأن مصر ما زالت ولأربع سنوات متتالية تحتل المرتبة الأخيرة في مجال النوع الاجتماعي كما أن عدد غير قليل من النصوص القانونية لا تتفق والمواطنة المتساوية وتمس بجوهر العدالة الإنسانية
 
لقد كابدت النساء في مصر وتحملت الكثير من المعاناة والقهر وويلات التهميش في ظل خطاب حكومي يتحدث عن إنجازات المرأة ، هذا الخطاب الذي نجح في تزييف الوعي ونشر اعتقاد خاطئ لسنوات طويلة مضت بأن المرأة نالت حقوقها كاملة في واقع يسحق الرجال والنساء بشدة ، جراء استخدام النظام السابق لترسانته الإعلامية للقيام بدور دعائي حول دعم قضايا النساء ، بينما كن أكثر تضرراً من الانهيار القيمي والاقتصادي في المجتمع ، ومثلما كان الخطاب الإعلامي يشير إلى أن مصر تعيش أزهى عصور الديمقراطية، كما كان يروج إلى كون النساء حصلن على حقوقهن على كل الأصعدة).
 
والحقيقة أن حقوق النساء كقضية تفاوضية بين الخارج والداخل ، يغذى المجتمع بقيم شديدة الرجعية حول أدوار النساء في محاولة لإيجاد حلول سطحية لمشكلات معقدة ، والعمل على تغذية الاتجاهات المحافظة وإرضائها من خلال إعاقة مشروعات النهوض بالمرأة وتفريغ مقترحات التعديلات القانونية من محتواها ، ليقدم بين الحين والآخر تعديل شديد التواضع يتم استخدامه بصورة واسعة على المستوى الدولي للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان ، وتجميل واقع حقوق المرأة المزري ، لذلك هبت المرأة جنبا إلى جنب الرجل إلى ساحات الاعتصام والحرية .
 
وفي الحقيقة أن المناصرين للمسألة النسوية يغلب عليهم الهم القيادي وعادة ما يتم توظيفهم لقضايا المرأة في سياق الصراعات والتجاذبات لتحقيق مآرب ضيقة دون أي اعتبار لواقع المرأة وتعقيداته . ولا يخفى حقيقة أحزاب الإسلام التي توجه مبادراتها بصدد عقد تحالفات بهدف تضييق الخناق دون أن ينعكس ذلك موقفها من المرأة .