إشعار بالإضراب عن الطعام

ليست مواجهة، ولا هي لعبة لي ذراع، ومع من، مع السلطة بترساناتها وقوتها وامكانياتها وأعرف مسبقا أنها معركة خاسرة منذ البداية، لأن هناك من قرر تنظيف الساحة الإعلامية من كل الأصوات النشاز، ومن قرر معاقبتي شخصيا، لا أدري لكوني امرأة استضعفوني، لكن في الإعلام هناك المواقف وهناك الأقلام بغض النظر عن الجنس.
فمنذ ثلاثة أشهر يوما بيوم، والفجر محرومة من الإشهار العمومي، لأن الإشهار الخاص على قلته جبان مثل رأس المال، وأول سؤال يطرح علينا ”كيف علاقتكم مع السلطة؟”، وقد سبق للفجر أن حرمت من الإعلان العمومي الذي كان شحيحا معنا منذ إنشاء الفجر لأننا لا ننتمي لأية جهة، ولم نتودد لأي طرف في السلطة، تعرضنا لعقوبة فاقت السنتين بسبب مقال ضد الوزير الأول وقتها سنة 2004، لكننا لم نتأثر لأن القطاع الخاص لم يكن عرضة للمساومة والتخويف، بسبب تصريحات على قناة أجنبية، حيث تقرر بعدها مباشرة معاقبة الجريدة وكل طاقمها الذي لا يتحمل مواقف المديرة، والتي كانت دائما مواقف شخصية مستقلة ولا تخرج عن ما يسمح به الدستور والقوانين الجزائرية.
رغم محاولاتنا الاتصال بعديد الأطراف لإيجاد مخرج للأزمة، ورغم الوساطات ومراسلة كل من رئيس الجمهورية والوزير الأول، لم نجد أي حل، ويبدو أن موقف من اتخذ القرار يريد للصحيفة أن تختفي، فبرمج موتا بطيئا لها، ولأننا نفتقر للإمكانيات المادية، تعذر علينا دفع رواتب الصحفيين، واضطررت للمرة الثانية للاستدانة لدفع الرواتب، لأن أسرا كثيرة بأطفالها لا دخل لها غير راتبها من الفجر.
أرفض أن يقال على الإعلام مصدر رزق، لأن الصحافة هي مؤسسات توعية وخلق رأي عام أولا، لكنها رغم ذلك هي مؤسسات اقتصادية يحكمها القانون التجاري وهي أيضا مصدر رزق للكثير من العائلات، ومنصب عمل للكثير من الشباب الباحثين عن حياة كريمة أمام الأفق المسدود، والذي لم يعد من حديث فيه إلا عن قوارب الحرڤة.
الفجر اليوم مهددة بالغلق، بعد أن صارت عاجزة عن دفع رواتب الصحفيين، و لم يعد بإمكاني الاستدانة مرة أخرى لإعالتهم، وإنِ أعرّض اليوم حياتي إلى الخطر بالدخول في إضراب عن الطعام ابتداء من الاثنين المقبل 13 نوفمبر، لأنه لم يتبق أمامي أي أمل لحل أزمة افتعلتها السلطة بالتضييق على الفجر بسبب خطها الافتتاحي ومواقفي وكتاباتي الجريئة، لأنني لست مسنودة من أحد ولم أحسن التملق لأي طرف ولم أضع هذا المنبر لخدمة أي شخص، ثمنا كل المواقف الايجابية وانتقدنا بمسؤولية كل الأخطاء للسلطة مثل المعارضة التي نرى أحيانا أنها أسوأ من السلطة.
سأدخل في إضراب عن الطعام ليعرف الجميع التضييق على الأصوات الحرة والأقلام الحرة، وسينجحون في قتل الجريدة، لكنهم أبدا لن ينجحوا في كسر قلمي وخنق صوتي، نحن في زمن الإعلام البديل، ورأيي سأقوله مهما كلفني الثمن.

مقالات الكاتب