كثرة المرعى تعمي البهيمة

بقلم / أنور الصوفي

قالوها قديماً (( كثرة المرعى تعمي البهيمة )) أي أنه كلما زادت أشجار وحشائش وأعشاب المرعى ، ترى البهيمة تتخبط هنا وهناك ولا تدري من أية الأماكن تأكل، فينتهي نهارها وهي تتخبط كالأعمى، ثم تعود إلى زريبتها جائعة ، وهذا هو حال الكثير من المسؤولين وممن وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها ماسكين بزمام الأمور فلم يصدقوا ماهم فيه من مرعى أقصد مسؤولية فأخذوا يخبطون هنا وهناك، فساعة يبسطون على أرضية هنا وتارة أخرى تراهم يسطون على حوش هناك، ولم يغنهم ذلك بل التفتوا إلى رواتب جنودهم وموظفيهم فابتزوا منها ما استطاعوا عليه .

هذا المرعى الذي اخضرت أشجاره هذه الأيام أغرى الكثير من البهائم البشرية على الانطلاق فيه، وتخريبه ولم تستفد إلا التعب والتنقل بين اخضرار المرعى، وسينتهي بها الحال كما انتهى بمن سبقوها من البلداء الذين لم يراعوا حلالاً ولا حراماً بل كوشوا على كل شيء، حتى وصل بهم الحال لاغتنام منازل المساكين القادمين من المحافظات الشمالية إلى الجنوب، والقادمين من الجنوب نحو الشمال الذين ظنوا أن الوطن واحد وأنه بمقدورهم العيش بسلام في وطنهم ولم يدر بخلدهم أنهم سيرحلون من منازلهم ومن دون تعويض عن خسائرهم التي خسروها في شراء وبناء هذه المنازل .

لقد جاءت البهائم من كل حدب وصوب وعاثت في المراعي فساداً، وقد أخذت هذه البهائم البشرية ترعى في حمى غيرها، وأعماها كثرة المرعى .

لقد تشتت أفكار هذه البهائم فهي تريد كل شيء لها فتراها هذه الأيام تتناطح في حمى ليس حماها، ويا ويل الجلحاء من أم القرون، ويا ويل القرناء من يوم القصاص، يوم يقتص الله للشاة الجلحاء من الشاة القرناء .
لقد غدت عدن مرعى للكثير من البهائم البشرية التي لا هم لها إلا البسط على كل شيء، فلقد جاءوا حتى على المتنفسات وأكلوا الأخضر واليابس حتى غدت عدن جدباء من كل جميل فيها، فهل سيعم الطوفان ربوع السعيدة كافة أم أن هناك كلمة للشرفاء؟
وهل سيعمي اخضرار المرعى البهائم البشرية؟ أنتظروا وإني معكم لمن المنتظرين .

مقالات الكاتب