لماذا المعارضة

ربما ثمة مراحل ومراحل تفصلنا عن ممارسة الحق الديمقراطي في الحياة السياسية فحتى اللحظة لا توجد لنا سلطة على أرضنا ولم تكن هناك معارضة تنافسها على تقديم رؤاها وبرامجها لإقناع الشعب وإسعاده ، فنحن لم نزل في مرحلة نضال وتضحيات يرافقهما عمل سياسي ودبلوماسي في سبيل تحرير أرضنا واستعادة وبناء دولتنا الشئ الذي يتطلب منا جميعاً الوقوف صفاً واحداً في وجه المحتل اليمني وننأى بأنفسنا عن أي خلاف يبعدنا عن الهدف الأسمى بعد أكثر من عشر سنوات ونحن نسعى بأن تلتقي كل مكونات الثورة الجنوبية وفصائل مقاومتها على كلمة سواء إلّا إن ذلك لم يتحقق ولم يتسنَ لنا إلّا بعد إعلان عدن التاريخي في 4/ مايو/ 2017م التقى الجنوبيون واجمع السواد الأعظم منهم على كلمة واحدة في إيجاد حامل سياسي لقضية شعبهم وليس مكوناً جديداً كما يدّعي البعض ، فكان نتاج ذلك أن أبصر المجلس الانتقالي الجنوبي النور مدعوماً بإرادة الغالبية العظمى من شعب الجنوب في مليونيتين التفويض والتأكيد من هنا أتت شرعية المجلس الانتقالي في تمثيل الجنوب أرضاً وشعباً على هذا الأساس سار المجلس وبعد أن أكمل هيئاته ولجانه المحلية وارتقى بعمله السياسي والدبلوماسي إلى مستوى يحاكي الهدف الذي جاء من أجله فحقق بعضاً من الانجازات على أرض الواقع أظنها أغاضت المحتل اليمني ورويبضته وهذا شئ طبيعي ولا غرابة فيه ، ولكن الأغرب أن يطل بعضٌ من أخواننا الجنوبيين من نافذة مفلومة أغلقها شعب الجنوب متتبعين زلات عمل المجلس وهفواته وهى بالتأكيد حاصلة طالما أن المجلس يعمل فأنقسم حولها أولئك النفر على شاكلتين :ـ
 
الأولى : ـ أحزنها عدم ظهور أسمائها في عضوية هيئات ولجان المجلس وجمعيته الوطنية وهى شخصيات وطنية لها باع وذراع في مرحلة النضال السلمي وتحملت من الأعباء والأثقال ما تحملت أبان القمع البوليسي لتحالفات المحتل اليمني ، في حين أن المجلس ضم في ردهاته عناصر وشخصيات كان دورها باهتاً وقتذاك بل ربما وقفت ضد ثورة شعب الجنوب ، وهذا الصنف لهم كل الاحترام والتقدير ولكن للأسف خانتهم فراستهم فاختزلوا المجلس في تلك الشخصيات ومن هذا المفهوم جاءت مواقفهم من المجلس ، مع أن هناك شخصيات في نفس مستوى مكانتهم من النضال وربما أكثر خلت قوائم المجلس من أسمائهم ولكنهم ظلوا يعملون مع المجلس أو بالأصح مع الوطن ولم يغير من نضالهم ذلك الاستثناء شئ أو يثنيهم عن مواقفهم .
 
أما الصنف الثاني أمرهم غريب وفعلهم عجيب لا ينظرون إلا لأنفسهم فأما أن يكونوا هم في مقدمة الصف الأول وهم القادة والمدبرون والبقية تزحف خلفهم وتأتمر بأمرهم وإلّا فلسان حالهم يقول سنتخذ من العرقلة معارضة ونتلسن على الآخرين ونرميهم بأقذع الألفاظ ونرفع يافطات كبيرة نتذرع بها كحماية الثورة ، والوقوف ضد ممتهني السياسة الجدد ، وهلمجرا من المصطلحات التي تتجدد معنا للأسف بتجدد المراحل حتى باتت السياسة الوحيدة التي أبدعنا فيها والدرس الوحيد الذي تعلمناه من كل تلك المراحل والأزمات التي مرت وتمر بها بلادنا ، نعم أنها المراهقة السياسية التي تجعل من الإنسان أن يقف دائماً في الصف المعادي لنفسه متخيّل أنه ذلك القائد الرصين والرمز الفطين والبطل الهمام والفارس المقدام وغيره لا يفقهون وليس لديهم وطنية أو أن وطنيتهم دون المستوى ، يا جماعة نحن في خندق واحد والأعداء يحيطوا بنا من كل الجهات ويتربصون فلا داعي للتفرقة والتشتت فالوطن بحاجة ماسة لجهودنا جميعاً ، كفانا ما مر وما نعيشه من مآسي وويلات إلى متى ونحن نتجرّع العلقم بسبب الشطحات والغرور والطيش السياسي والأنانية المفرطة .
 
 

مقالات الكاتب