هل أصبحنا رهينة لمطابخ الإعلام اليمني ؟

لا أعلم كيف أهمل الجنوبيون سلاحاً خطيراً فتّاكاً يعد في العصر الحديث أهم عامل من عوامل الحسم في أي معركة سواء كان على المستوى العسكري أو حتى السياسي ؟ نعم أهمله الجنوبيون وتركوا زمام المبادرة للمحتل اليمني ومطابخه الإعلامية تتلاعب بالعقل الجنوبي كيفما شاءت وفي هذه المرحلة الحساسة بالذات نحن أحوج ما نكون فيه على قدر كبير من الإدراك التام لما تبثه الأجهزة الإعلامية اليمنية من قنوات فضائية وتنشره الصحف و المجلات الصفراء ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعددت وتلوّنت حتى أن الكثير منها أخذ الصبغة الجنوبية وتقمص دور المدافع عن القضية الجنوبية ونطق بلسان حال الإنسان الجنوبي الحريص عليها حين وجدونا أوعية فارغة نتقبل تفاهاتهم و تخرصاتهم ونسوّقها نيابة عنهم دون تمحيص بمجرّد أنها وافقت هوانا أو قدحت في آخرين ربما لا نتفق معهم في الرؤى ، نعم تسابقنا للأسف في بث ونشر سمومهم فيما بيننا وروجنا لها وظننا في أنفسنا أننا نخدم قضيتنا وننوّر شعبنا ، والحقيقة لا هذا ولا ذاك بل أن عملية النسخ واللصق التي استسهلناها ولم نحسب عواقبها أوقعتنا في شراك الثالوث الإعلامي اليمني الخطير فحولتنا إلى أدوات نشر نقدم للمحتل اليمني خدمة جليلة ونسهّل له ونساعده فيما يسعى إليه من فتنة وتفرقة وإشاعة الشكوك والتدليس على شعبنا وزعزعة ثقته بقادته وأبطال مقاومته وبرجاله المخلصين ، أن عملاً كهذا ربما كان نتاجاً طبيعياً للفراغ الإعلامي الجنوبي الذي ساد الساحة الجنوبية وترك مساحة واسعة لخزعبلات الإعلام اليمني تحاصر العقل الجنوبي فارتهن لها غالبية رواد ومتابعو مواقع التواصل الاجتماعي و قنوات البث الرخيص التي ابتعدت عن شرف المهنة وجافت الحقيقة وأمعنت في ظلم الجنوب وشعبه .
وما الأحداث التي مرت بها عاصمتنا الحبيبة عدن مؤخراً والتي افتعلتها حكومة ما يسمى بالشرعية وكيف صوّرها الإعلامي المعادي وأخرجها في قوالب تؤلب الشارع الجنوبي وتزيّف الحقائق وتطعن في قيادته إلّا دليلٌ قاطعٌ على الضرورة الحتمية والسعي لإيجاد إعلام جنوبي فاعل يرتقي إلى مستوى قضية شعب الجنوب ويوازي الكم الهائل من الأجهزة الإعلامية اليمنية ونظائرها المروّجة ويدحض كذبها وبهتانها .
بالتأكيد هناك صحف ومواقع وأقلام جنوبية وطنية حرة ونزيهة نحت أصحابها في الصخر الأصم وجاهدوا بإمكانيات مادية شحيحة لمواكبة الأحداث وإزالة الغشاوة عن بعض ممن انزلق في دهاليز الظلام وانقاد لحملة المطابخ الإعلامية اليمنية المعادية ولكنها نقطة في بحر إذا ما قورنت أولاً بحجم ومكانة قضية شعب الجنوب واحتلال أرضه ، ثم كثرة الوسائل الإعلامية المعادية وضحالة بثها وتشويهها للواقع الجنوبي ، وتأثيرها الواضح على العامة .
دعونا نسأل كيف استطاع اليمنيون بناء شبكة إعلامية متكاملة سيطرت سيطرة تامة إعلامياً على الساحتين الجنوبية واليمنية ليس هذا بل كان لها تأثيراً على الإعلام العربي فساقت منابر إعلامية كبرى أدّعت بأنها منابر لمن لا منبر له حتى أنها وقعت فيما وقعت فيه أجهزة الكذب والتزييف اليمنية فتمادت في الظلم تماماً مثل ما تمادى الإعلام اليمني ، في حين عجزنا نحن الجنوبيون في إيجاد قناة فضائية واحدة وليس قنوات بالرغم من انتشار الرأسمال الجنوبي المهاجر في شتى أصقاع الأرض إلى جانب وجود كوكبة من ألمع وأجدر الكوادر الإعلامية المؤهلة ، لا أظن أننا نجهل مكانة ودور الإعلام في الوقت الحاضر ونحن الرواد في هذا الشأن وتاريخنا ينطق بهذا ، ولكن ثمة أسباباً ربما نجهلها نحن العامة من خلاف المال آلت بحالة إعلامنا إلى ما نحن فيه من الضعف الإعلامي حتى أصبحنا للأسف الشديد رهينة لذلك الغثاء المسمى الإعلام اليمني .

مقالات الكاتب