الإرهاب

استطاع الجنوبيون وفي فترة زمنية جداً قياسية مقارنة بدول كبرى تملك المال والرجال والعتاد ظلت ولم تزل تحارب الإرهاب ولكنها لم تستطع أن تحقق ما حققه الجنوبيون حين دكوا أوكار الإرهاب ودحروا جماعاته المسلحة من معظم مناطق الجنوب ، ولكن قبل الخوض في هذا الشأن يطفو على السطح سؤال عن نوعية تلك الجماعات الإرهابية التي غزت مناطق الجنوب ؟ ثم كيف تمكنت من الاستيطان فيها ؟
إن الإرهاب بمفهومه العام ظهر تقريباً في ثمانينات القرن المنصرم بعد أن سيطر الروس على أفغانستان لجأ الغرب وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية من تشكيل جماعات أسموها جهادية مناهضة للروس وبعد أن انتهت الحرب وانكسر الجيش الروسي هناك غادرت  كثير من تلك الجماعات فتوجهت إلى البلاد العربية وبالذات اليمن حتى أنها سميت بالأفغان العرب بعد عودة البعض إلى بلدانها ، ولكن نظر إليها الغرب بعد انتهاء مهامها في أفغانستان بنظرة مغايرة تماماً للأسباب التي دعت أمريكا حينها لتشكيل تلك الجماعات الإرهابية فدخل مسمى الإرهاب في القاموس الغربي على أنه جزء لا يتجزأ من الإسلام حتى أنهم غرسوه ثقافة في فكر أجيالهم وراحوا يتعاملون مع المسلمين من هذا المفهوم ، في حين أستغل اليمنيين تلك الجماعات وسخروها لمحاربة الجنوب فكان لها صولات وجولات في حرب احتلال الجنوب في صيف عام 94م وبعد أن سقط الجنوب وأصبح ضيعة يمنية خاصة تقاسم أهل الحل والربط من عسكر وقبائل النسيج الاجتماعي اليمني أرض وثروات الجنوب فراقت لهم فكرة تبني تلك الجماعات وتمويلها وتوزيعها على مناطق الجنوب واستخدامها متى وكيفما شاءت كذريعة يبحثوا من ورائها أولاً إيهام الرأي العام العالمي من أن أرض الجنوب موبوءة بالجماعات الإرهابية و  مرتع خصب للإرهاب حتى يخلو لهم الجو وتستقر أوضاعهم في الجنوب ، إلى جانب أنها مصدر من مصادر الاسترزاق للهوامير القبلية والعسكرية اليمنية من خلال الدعم المادي الذي تقدمه الدول تحت مسمى محاربة الإرهاب ، هذه عوامل من جملة عوامل أراد مهندسو السياسة اليمنية من خلالها القضاء على آخر الآمال الجنوبية في استعادة وبناء الدولة الجنوبية المدنية الحديثة سيما وأن الجنوبيين استطاعوا في السنوات الأخيرة من إيصال قضيتهم الوطنية إلى المحافل الدولية وبغض النظر عن مدى استجابة صناع القرار ولكنها كانت خطوة كفيلة بملامسة أحلام الاحتلال اليمني في الأرض الجنوبية وزعزعتها حتى أن اليمنيين فقدوا صوابهم وكشفوا سوءاتهم حين خلسوا البدلة العسكرية وأخلوا المعسكرات ودخلوها ببدلة أخرى ردة فعل غبية جداً أكدت بما يدع مجالاً للشك أن العلاقة اليمنية بتلك الجماعات قوية ووطيدة وأن نظام الاحتلال اليمني الراعي الرسمي الوحيد للإرهاب بمختلف أشكاله .
نعم نحن اليوم نحتفل بطرد الجماعات الإرهابية من عاصمة محافظة حضرموت والعاصمة الاقتصادية للجنوب ولكن علينا تقع مسئولية كبرى في مواصلة تحرير بقية مدن وقرى الجنوب التي لم تزل ترزح تحت وطأة تلك المجاميع التي صبغت نفسها بمسميات ربما منحتها فرص لاسترداد أنفاسها ومواصلة حربها على الجنوب وشعبه ، ولا أظن أنها ستترك الجنوب يسترد ويبني دولته وينعم بخيراته طالما أن تلك المجاميع تحظى بالغطاء اليمني .

مقالات الكاتب